حقيقة. روى أبو سليمان الدمشقي، قال: سمعت إسماعيل بن محمد الصفار يقول: سمعت ثعلبا يقول: لولا أن الله تعالى أكد الفعل بالمصدر، لجاز أن يكون كما يقول أحدنا للآخر: قد كلمت لك فلانا بمعنى: كتبت اليه رقعة، أو بعثت إليه رسولا، فلما قال: تكليما لم يكن إلا كلاما مسموعا من الله.
رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما (165) قوله تعالى: (لئلا يكون للناس على الله حجة) أي: لئلا يحتجوا في ترك التوحيد والطاعة بعدم الرسل، لأن هذه الأشياء إنما تجب بالرسل.
لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا (166) قوله تعالى: (لكن الله يشهد) في سبب نزلها قولان:
أحدهما: أن النبي عليه السلام دخل على جماعة من اليهود، فقال: " إني والله أعلم أنكم لتعلمون أني رسول الله "، فقالوا: ما نعلم ذلك، فنزلت هذه الآية، هذا قول ابن عباس.
والثاني: أن رؤساء أهل مكة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سألوا عنك اليهود، فزعموا أنهم لا يعرفونك، فائتنا بمن يشهد لك أن الله بعثك، فنزلت هذه الآية، هذا قول ابن السائب. قال الزجاج: الشاهد: المبين لم يشهد به، فالله عز وجل بين ذلك، ويعلم مع إبانته أنه حق. وفي معنى (أنزله بعلمه) ثلاثة أقوال:
أحدها: أنزله وفيه علمه، قاله الزجاج.
والثاني: أنزله من علمه، ذكره أبو سليمان الدمشقي.
والثالث: أنزله إليك بعلم منه أنك خيرته من خلقه، قاله ابن جرير.
قوله تعالى: (والملائكة يشهدون).
[فيه قولان:
أحدهما: يشهدون أن الله أنزله.
والثاني: يشهدون بصدقك.