قوله تعالى: (وكفى بالله شهيدا) قال الزجاج: " الباء " دخلت مؤكدة. والمعنى: اكتفوا بالله في شهادته.
إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضللا بعيدا (167) قوله تعالى: (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله) قال مقاتل وغيره: هم اليهود كفروا بمحمد، وصدوا الناس عن الإسلام. قال أبو سليمان: وكان صدهم عن الإسلام قولهم للمشركين ولأتباعهم: ما نجد صفة محمد في كتابنا.
إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا (168) إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا (169) قوله تعالى: (إن الذين كفروا وظلموا) قال مقاتل وغيره: شهم اليهود أيضا كفروا بمحمد والقرآن. وفي الظلم المذكور هاهنا قولان:
أحدهما: أنه الشرك، قاله مقاتل.
والثاني: أنه جحدهم صفة محمد النبي صلى الله عليه وسلم في كتابهم.
قوله تعالى: (لم يكن الله ليغفر لهم) يريد من مات منهم على الكفر. وقال أبو سليمان لم يكن الله ليستر عليهم قبيح فعالهم، بل يفضحهم في الدنيا، ويعاقبهم بالقتل والجلاء والسبي، وفي الآخرة بالنار (ولا ليهديهم طريقا) ينجون فيه. وقال مقاتل: طريقا إلى الهدى (وكان ذلك على الله يسيرا) يعني كان عذابهم على الله هينا.
يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فأمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما (170) قوله تعالى: (يا أيها الناس) الكلام عام، وروي عن ابن عباس أنه قال: أراد المشركين. (قد جاءكم الرسول بالحق) أي: بالهدى، والصدق.
قوله تعالى: (فآمنوا خيرا لكم) قال الزجاج عن الخليل وجميع البصريين: إنه منصوب بالحمل على معناه، لأنك إذا قلت: انته خيرا لك، وأنت تدفعه عن أمر فتدخله في غيره، كان المعنى: انته وأت خيرا لك، وادخل في ما هو خير لك. وأنشد الخليل، وسيبويه قول عمر بن أبي ربيعة: