الله) فلزمه الحكم، وزال التخيير، وهذا مروي عن ابن عباس، وعطاء ومجاهد، وعكرمة، والسدي.
والثاني: أنها محكمة، وأن الإمام ونوابه في الحكم مخيرون إذا ترافعوا إليهم، إن شاؤوا حكموا بينهم، وإن شاؤوا أعرضوا عنهم، وهذا مروي عن الحسن، والشعبي، والنخعي، والزهري، وبه قال أحمد بن حنبل، وهو الصحيح، لأنه لا تنافي بين الآيتين، لأن إحداهما: خيرت بين الحكم وتركه. والثانية: بينت كيفية الحكم إذا كان.
وكيف يحكمونك وعندهم التورة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين (43) قوله تعالى: (وكيف يحكمونك وعندهم التوراة) قال المفسرون: هذا تعجيب من الله عز وجل لنبيه من تحكيم اليهود إياه بعد علمهم بما في التوراة من حكم ما تحاكموا إليه فيه، وتقريع لليهود إذ يتحاكمون إلى من يجحدون نبوته، ويتركون حكم التوراة التي يعتقدون صحتها.
قوله تعالى: (فيها حكم الله) فيه قولان:
أحدهما: حكم الله بالرجم، وفيه تحاكموا، قاله الحسن.
والثاني: حكمه بالقود، وفيه تحاكموا، قاله قتادة.
قوله تعالى: (ثم يتولون من بعد ذلك) فيه قولان:
أحدهما: من بعد حكم الله في التوراة.
والثاني: من بعد تحكيمك. وفي قوله تعالى: (وما أولئك بالمؤمنين) قولان:
أحدهما: ليسوا بمؤمنين لتحريفهم التوراة.
والثاني: ليسوا بمؤمنين أن حكمك من عند الله لجحدهم نبوتك.
إنا أنزلنا التورة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (44) قوله تعالى: (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور) قال المفسرون: سبب نزول هذه الآية: