والثاني: أنها ترجع إلى العلم، أي: ما قتلوا [العلم به] يقينا، تقول: قتلته يقينا، وقتلته علما.
هذا قول الفراء، وابن قتيبة. قال ابن قتيبة: وأصل هذا: أن القتل للشئ يكون عن قهر واستعلاء وغلبة، يقول: فلم يكن علمهم بقتل المسيح علما أحيط به، إنما كان ظنا.
والثالث: أنها ترجع إلى عيسى، فيكون المعنى: وما قتلوا عيسى حقا، هذا قول الحسن، وقال ابن الأنباري: اليقين مؤخر في المعنى، فالتقدير: وما قتلوه، بل رفعه الله إليه يقينا.
وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيمة يكون عليهم شهيدا (159) قوله تعالى: (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به) قال الزجاج: المعنى: وما منهم أحد إلا ليؤمنن به، ومثله (وإن منكم إلا واردها) وفي أهل الكتاب قولان:
أحدها: أنهم اليهود، قاله ابن عباس.
والثاني: اليهود والنصارى، قاله الحسن، وعكرمة. وفي هاء " به " قولان:
أحدهما: أنها راجعة إلى عيسى، قاله ابن عباس، والجمهور.
والثاني: أنها راجعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم، قاله عكرمة. وفي هاء " موته " قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى المؤمن. روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ليس يهودي يموت أبدا حتى يؤمن بعيسى، فقيل لابن عباس: إن خر من فوق بيت؟ قال: يتكلم به في الهوي قال:
وهي في قراءة أبي: " قبل موتهم " وهذا قول مجاهد، وسعيد بن جبير، وروى الضحاك عن ابن عباس قال: يؤمن اليهودي قبل أن يموت، ولا تخرج روح النصراني حتى يشهد أن عيسى عبد. وقال عكرمة: لا تخرج روح اليهودي والنصراني حتى يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم.
والثاني: أنها تعود إلى عيسى، روى عطاء عن ابن عباس قال: إذا نزل إلى الأرض لا يبقى يهودي ولا نصراني، ولا أحد يعبد غير الله إلا اتبعه، وصدقه، وشهد أنه روح الله، وكلمته، وعبده ونبيه. وهذا قول قتادة، وابن زيد، وابن قتيبة، واختاره ابن جرير، وعن الحسن كالقولين. وقال الزجاج: هذا بعيد، لعموم قوله [تعالى]: (وإن من أهل الكتاب)، والذين يبقون حينئذ شرذمة منهم، إلا أن يكون المعنى: أنهم كلهم يقولون: إن عيسى الذي ينزل لقتل الدجال نؤمن به،