قوله تعالى: (ولا الشهر الحرام) قال ابن عباس: لا تحلوا القتال فيه. وفي المراد بالشهر الحرام ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه ذو القعدة، قاله عكرمة، وقتادة.
والثاني: أن المراد به الأشهر الحرم. قال مقاتل: كان جنادة بن عوف يقوم في سوق عكاظ كل سنة فيقول: ألا إني قد أحللت كذا، وحرمت كذا.
والثالث: أنه رجب، ذكره ابن جرير الطبري. والهدي: كل ما أهدي إلى بيت الله تعالى من شئ. وفي (القلائد) قولان:
أحدهما: أنها المقلدات من الهدي، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثاني: أنها ما كان المشركون يقلدون به إبلهم وأنفسهم في الجاهلية، ليأمنوا به عدوهم، لأن الحرب كانت قائمة بين العرب إلا في الأشهر الحرم، فمن لقوه مقلدا نفسه، أو بعيره، أو مشعرا بدنه أو سائقا هديا لم يتعرض له. قال ابن عباس: كان من أراد أن يسافر في غير الأشهر الحرم، قلد بعيره من الشعر والوبر، فيأمن حيث ذهب. وروى مالك بن مغول عن عطاء قال:
كانوا يتقلدون من لحاء شجر الحرم، فيأمنون به إذا خرجوا من الحرم، فنزلت هذه الآية وقال قتادة: كان الرجل في الجاهلية إذا خرج من بيته يريد الحج تقلد من السمر، فلم يعرض له أحد، وإذا رجع تقلد قلادة شعر، فلم يعرض له أحد.
وقال الفراء: كان أهل مكة يقلدون بلحاء الشجر، وسائر العرب يقلدون بالوبر والشعر وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال:
أحدها: لا تستحلوا المقلدات من الهدي.
والثاني: لا تستحلوا أصحاب القلائد.
والثالث: أن هذا نهي للمؤمنين أن ينزعوا شيئا من شجر الحرم، فيتقلدوه كما كان المشركون يفعلون في جاهليتهم، رواه عبد الملك عن عطاء، وبه قال مطرف: والربيع بن أنس.
قوله تعالى: (ولا آمين البيت الحرام) " الآم ": القاصد، و (البيت الحرام): الكعبة،