و " المريد ": المارد، وهو الخارج عن الطاعة، ومعناه: أنه قد مرد في الشر، يقال: مرد الرجل يمرد مرودا: إذا عتا، وخرج عن الطاعة. وتأويل المرود: أن يبلغ الغاية التي يخرج بها من جملة ما عليه ذلك الصنف، وأصله في اللغة: املساس الشئ، ومنه قيل للإنسان: أمرد: إذا لم يكن في وجهه شعر، وكذلك يقال: شجرة مرداء: إذا تناثر ورقها، وصخرة مرداء: إذا كانت ملساء. وفي قوله [تعالى]: (لعنه الله) قولان:
أحدهما: أنه ابتداء دعاء علي باللعن، وهو قول من قال: هو الأوثان.
والثاني: أنه إخبار عن لعن متقدم، وهو قول من قال: هو إبليس، قال ابن جرير: المعنى: قد لعنه الله قالا بن عباس: معنى الكلام: دحره الله، وأخرجه من الجنة. وقال - يعني إبليس -:
لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا. قال ابن قتيبة: أي: حظا افترضته لنفسي منهم، فأضلهم. وقال مقاتل: النصيب المفروض [في اللغة: القطع] أن من كل ألف إنسان واحد في الجنة، وسائرهم في النار قال الزجاج: " الفرض " في اللغة: القطع، و " الفرضة ": الثلمة تكون في النهر.
و " الفرض " في القوس: الحز الذي يشد فيه الوتر، والفرض فيما ألزمه الله العباد: جعله حتما عليهم قاطعا.
ولأضلنهم ولأمنينهم ولأمرنهم فليبتكن آذان الأنعم ولأمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا (119) قوله تعالى: (ولأضلنهم) قال ابن عباس: عن سبيل الهدى، وقال غيره: ليس له من الضلال سوى الدعاء إليه. وفي قوله [تعالى]: (ولأمنينهم) أربعة أقوال:
أحدها: أنه الكذب الذي يخبرهم به، قال ابن عباس: يقول لهم: لا جنة، ولا نار، ولا بعث.
والثاني: أنه التسويف بالتوبة، روي عن ابن عباس.
والثالث: أنه إيهامهم أنهم سينالون من الآخرة حظا، قاله الزجاج.
والرابع: أنه تزيين الأماني لهم، قاله أبو سليمان.
قوله تعالى: (فليبتكن آذان الأنعام) قال قتادة، وعكرمة، والسدي: هو شق أذن البحيرة، قال الزجاج: ومعنى " يبتكن " يشققن، يقال: بتكت الشئ أبتكه بتكا: إذا قطعته، وبتكه وبتك، مثل: