وفي المراد بالفضل قولان:
أحدهما: أن الفضل: الطاعة، قاله سعيد بن جبير، ومجاهد، والسدي.
والثاني: أنه الرزق، قاله ابن السائب، فيكون المعنى: سلوا الله ما تتمنونه من النعم، ولا تتمنوا مال غيركم.
ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شئ شهيدا (33) قوله تعالى: (ولكل جعلنا موالي) الموالي: الأولياء، وهم الورثة من العصبة وغيرهم.
ومعنى الآية: لكل إنسان موالي يرثون ما ترك. وارتفاع الوالدين والأقربين على معنيين من الإعراب:
أحدهما: أن يكون الرفع على خبر الابتداء، والتقدير: وهم الوالدان والأقربون، ويكون تمام الكلام قوله: (مما ترك).
والثاني: أن يكون رفعا على أنه الفاعل التارك للمال، فيكون الوالدان، هم المولى.
قوله تعالى: (والذين عقدت أيمانكم) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر:
" عاقدت " بالألف، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: " عقدت " بلا ألف. قال أبو علي: من قرأ بالألف، فالتقدير: والذي عاقدتهم أيمانكم، ومن حذف الألف، فالمعنى: عقدت حلفهم أيمانكم، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه. وفيهم ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم أهل الحلف، كان الرجل يحالف الرجل، فأيهما مات ورثه الآخر، فنسخ ذلك بقوله [تعالى] (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) رواه ابن أبي طلحة، عن ابن عباس وروى عنه عطية قال: كان الرجل يلحق الرجل في الجاهلية، فيكون تابعه، فإذا مات الرجل، صار لأهله الميراث، وبقي تابعه بغير شئ، فأنزل الله (والذين عاقدت أيمانكم) فأعطي من ميراثه، ثم نزل من بعد ذلك (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) وممن قال هم الحلفاء: سعيد بن جبير، وعكرمة، وقتادة.
والثاني: أنهم الذين آخى بينهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، وهم المهاجرون والأنصار، كان المهاجرون يورثون الأنصار دون ذوي رحمهم للأخوة التي عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم. رواه سعيد بن جبير،