المعنى: بلغ جميع ما أنزل إليك جهرا، فإن أخفيت شيئا منه لخوف أذى يلحقك، فكأنك ما بلغت شيئا. وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي: " رسالته " على التوحيد. وقرأ نافع " رسالاته " على الجمع.
قوله تعالى: (والله يعصمك من الناس) قال ابن قتيبة: أي: يمنعك منهم. وعصمة الله: منعه للعبد من المعاصي، ويقال: طعام لا يعصم، أي: لا يمنع من الجوع. فإن قيل:
فأين ضمان العصمة وقد شج جبينه، وكسرت رباعيته، وبولغ في أذاه؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أنه عصمة من القتل والأسر وتلف الجملة، فأما عوارض الأذى، فلا تمنع عصمة الجملة.
والثاني: أن هذه الآية نزلت بعدما جرى عليه ذلك، لأن " المائدة " من أواخر ما نزل.
قوله تعالى: (إن الله لا يهدي القوم الكافرين) فيه قولان:
أحدهما: لا يهديهم إلى الجنة.
والثاني: لا يعينهم على بلوغ غرضهم.
قل يأهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا التورة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين (68) قوله تعالى: (قل يا أهل الكتاب لستم على شئ) سبب نزولها: أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ألست تؤمن بما عندنا من التوراة، وتشهد أنها حق؟ قال: بلى، ولكنكم أحدثتم وجحدتم ما فيها، فأنا برئ من إحداثكم. فقالوا: نحن على الهدى، ونأخذ بما في أيدينا، ولا نؤمن بك، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس فأما أهل الكتاب، فالمراد بهم اليهود والنصارى، وقوله [تعالى]: (لستم على شئ) أي: لستم على شئ من الدين الحق حتى تقيموا التوراة والإنجيل، وإقامتهما: العمل بما فيهما، ومن ذلك الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم. وفي الذي أنزل إليهم من ربهم قولان قد سبقا، وكذلك باقي الآية.
إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الأخر وعمل