أصحاب أبي عمرو يخيرون بين الياء والتاء.
إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (116) مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون (117) قوله [تعالى]: (ينفقون في هذه الحياة الدنيا) اختلفوا فيمن أنزلت على أربعة أقوال:
أحدها: أنها في نفقات الكفار، وصدقاتهم، قاله مجاهد.
والثاني: في نفقة سفلة اليهود على علمائهم، قاله مقاتل.
والثالث: في نفقة المشركين يوم بدر.
والرابع: في نفقة المنافقين إذا خرجوا مع المسلمين لحرب المشركين، ذكر هذين القولين أبو الحسن الماوردي. وقال السدي: إنما ضرب الإنفاق مثلا لأعمالهم في شركهم. وفي الصر ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه البرد، قاله الأكثرون.
والثاني: أنه النار، قاله ابن عباس، قال ابن الأنباري: وإنما وصفت النار بأنها صر لتصويتها عند الالتهاب.
والثالث: أن الصر: التصويت، والحركة من الحصى والحجارة، ومنه: صرير النعل، ذكره ابن الأنباري. والحرث: الزرع. وفي معنى (ظلموا أنفسهم) قولان:
أحدهما: ظلموها بالكفر، والمعاصي، ومنع حق الله تعالى.
والثاني: بأن زرعوا في غير وقت الزرع.
قوله [تعالى]: (وما ظلمهم الله) قال ابن عباس: أي: ما نقصهم ذلك بغير جرم أصابوه، وإنما أنزل بهم ذلك لظلمهم أنفسهم بمنع حق الله منه، وهذا مثل ضربه الله لإبطال أعمالهم في الآخرة. وحدثنا عن ثعلب، قال: بدأ الله عز وجل هذه الآية بالريح، والمعنى: على الحرث، كقوله [تعالى]: (كمثل الذي ينعق بما لا يسمع) وإنما المعنى على المنعوق به. وقريب منه قوله [تعالى]: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن) فخبر عن (الأزواج) وترك (الذين) كأنه قال: أزواج الذين يتوفون منكم يتربصن، فبدأ بالذين، ومراده: بعد الأزواج. وأنشد: