قوله تعالى: (وأحضرت الأنفس الشح) " أحضرت " بمعنى: ألزمت. و " الشح ": الإفراط في الحرص على الشئ. وقال ابن فارس: " الشح ": البخل مع الحرص، وتشاح الرجلان على الأمر: لا يريدان أن يفوتهما، وفيمن يعود إليه هذا الشح قولان:
أحدهما: المرأة، فتقديره: وأحضرت نفس المرأة الشح بحقها من زوجها، هذا قول ابن عباس، وسعيد بن جبير.
والثاني: الزوجان جميعا، فالمرأة تشح على مكانها من زوجها، والرجل يشح عليها بنفسه إذا كان غيرها أحب إليه، هذا قول الزجاج. وقال ابن زيد: لا تطيب نفسه أن يعطيها شيئا فتحلله، ولا تطيب نفسها أن تعطيه شيئا من مالها، فتعطفه عليها.
قوله تعالى: (وإن تحسنوا) فيه قولان:
أحدهما: بالصبر على التي يكرهها.
والثاني: بالإحسان إليها في عشرتها.
قوله تعالى: (وتتقوا) يعني الجور عليها (فإن الله كان بما تعملون خبيرا) فيجازيكم عليه.
ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما (129) قوله تعالى: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء) قال أهل التفسير: لن تطيقوا أن تسووا بينهن في المحبة التي هي ميل الطباع، لأن ذلك ليس من كسبكم (ولو حرصتم) على ذلك (فلا تميلوا) إلى التي تحبون في النفقة والقسم. وقال مجاهد: لا تتعمدوا الإساءة فتذروا الأخرى كالمعلقة قال ابن عباس: المعلقة: التي لا هي أيم، ولا ذات بعل. وقال قتادة:
المعلقة: المسجونة و قوله تعالى: (وإن تصلحوا) أي: بالعدل في القسمة (وتتقوا) الجور (فإن الله كان غفورا) لميل القلوب.
وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله وسعا حكيما (130) ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا