بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا (58) قوله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) في سبب نزولها ثلاثة أقوال:
أحدها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة، طلب مفتاح البيت من عثمان بن أبي طلحة، فذهب ليعطيه إياه، فقال العباس: بأبي أنت وأمي اجمعه لي مع السقاية، فكف عثمان يده مخافة أن يعطيه للعباس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هات المفتاح " فأعاد العباس قوله، وكف عثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
" أرني المفتاح إن كنت تؤمن بالله وباليوم الآخر " فقال: هاكه يا رسول الله بأمانة الله، فأخذ المفتاح، ففتح البيت، فنزل جبريل بهذه الآية، فدعا عثمان، فدفعه إليه. رواه أبو صالح، عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والزهري، وابن جريج، ومقاتل.
والثاني: أنها نزلت في الأمراء. رواه ابن أبي طلحة، عن ابن عباس، وبه قال زيد بن أسلم، وابنه، ومكحول، واختاره أبو سليمان الدمشقي، وقال: أمر الأمراء أن يؤدوا الأمانة في أموال المسلمين.
والثالث: أنها نزلت عامة، وهو مروي عن أبي بن كعب، وابن عباس، والحسن، وقتادة، واختاره القاضي أبو يعلى. واعلم أن نزولها على سبب لا يمنع عموم حكمها. فإنها عامة في الودائع وغيرها من الأمانات. وقال ابن مسعود: الأمانة في الوضوء، وفي الصلاة، وفي الصوم، وفي الحديث، وأشد ذلك في الودائع.
قوله تعالى: (نعما يعظكم به) يقول: نعم الشئ يعظكم به، وقد ذكرناه في (البقرة).
يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا (59) قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) في سبب نزولها قولان:
أحدهما: أنها نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية، أخرجه البخاري، ومسلم، من حديث ابن عباس.
والثاني: أن عمار بن ياسر كان مع خالد بن الوليد في سرية، فهرب القوم، ودخل رجل منهم