قوله تعالى: (هديا بالغ الكعبة) قال الزجاج: هو منصوب على الحال، والمعنى:
يحكمان به مقدرا أن يهدى. ولفظ قوله " بالغ الكعبة " لفظ معرفة، ومعناه: النكرة. والمعنى:
بالغا الكعبة، إلا أن التنوين حذف استخفافا. قال ابن عباس: إذا أتى مكة ذبحه، وتصدق به.
قوله تعالى: (أو كفارة) قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: (أو كفارة) منونا (طعام) رفعا. وقرأ نافع، وابن عامر: (أو كفارة) رفعا غير منون (طعام المساكين) على الإضافة. قال أبو علي: من رفع ولم يضف، جعله عطفا على الكفارة عطف بيان، لأن الطعام هو الكفارة، ولم يضف الكفارة إلى الطعام، لأن الكفارة لقتل الصيد، لا للطعام، ومن أضاف الكفارة إلى الطعام، فلأنه لما خير المكفر بين الهدي، والطعام، والصيام، جازت الإضافة لذلك، فكأنه قال: كفارة طعام، لا كفارة هدي، ولا صيام. والمعنى: أو عليه بدل الجزاء والكفارة، وهي طعام مساكين. وهل يعتبر في إخراج الطعام قيمة النظير، أو قيمة الصيد؟ فيه قولان:
أحدهما: قيمة النظير، وبه قال عطاء، والشافعي، وأحمد.
والثاني: قيمة الصيد، وبه قال قتادة، وأبو حنيفة، ومالك. وفي قدر الإطعام لكل مسكين قولان:
أحدهما: مدان من بر، وبه قال ابن عباس، وأبو حنيفة.
والثاني: مد بر، وبه قال الشافعي، وعن أحمد روايتان، كالقولين.
قوله تعالى: (أو عدل ذلك صياما) قرأ أبو رزين، والضحاك، وقتادة، والجحدري، وطلحة: (أو عدل ذلك)، بكسر العين. وقد شرحنا هذا المعنى في (البقرة). قال أصحابنا: يصوم عن كل مد بر، أو نصف صاع تمر، أو شعير يوما. وقال أبو حنيفة: يصوم يوما عن نصف صاع في الجميع. وقال مالك، والشافعي: يصوم يوما عن كل مد من الجميع.
فصل وهل هذا الجزاء على الترتيب، أم على التخيير؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه على التخيير بين إخراج النظير، وبين الصيام، وبين الإطعام.
والثاني: أنه على الترتيب، إن لم يجد الهدي، اشترى طعاما، فإن كان معسرا صام، قاله ابن سيرين. والقولان مرويان عن ابن عباس، وبالأول قال جمهور الفقهاء.