وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين (166) وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون (167) قوله تعالى: (وما أصابكم يوم التقى الجمعان) الجمعان: النبي وأصحابه، وأبو سفيان وأصحابه، وذلك في يوم أحد، وقد سبق ذكر ما أصابهم.
قوله تعالى: (فبإذن الله) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أمره.
والثاني: قضاؤه، رويا عن ابن عباس.
والثالث: علمه، قاله الزجاج.
قوله تعالى: (وليعلم المؤمنين) أي: ليظهر إيمان المؤمنين بثبوتهم على ما نالهم، ويظهر نفاق المنافقين بفشلهم وقلة صبرهم. قال ابن قتيبة: والنفاق مأخوذ من نافقاء اليربوع، وهو جحر من جحرته يخرج منه إذا أخذ عليه الجحر الذي دخل فيه. قال ابن قتيبة: قال الزيادي عن الأصمعي:
ولليربوع أربعة أجحرة، النافقاء: وهو الذي يخرج منه كثيرا، ويدخل منه كثيرا. والقاصعاء، هذه سمي بذلك لأنه يخرج تراب الجحر، ثم يقصع ببعضه كأنه يسد به فم الجحر، ومنه يقال: جرح فلان قد قصع بالدم: إذا امتلأ ولم يسل. والداماء، سمي بذلك، لأنه يخرج التراب من فم الجحر، ثم يدم به فم الجحر، كأنه يطليه، ومنه يقال: ادمم قدرك بشحم، أي اطلها به. والراهطاء، ولم يذكر اشتقاقه، وإنما يتخذ هذه الجحر عددا، فإذا أخذ عليه بعضها، خرج من بعض. قال أبو زيد: فشبه المنافق به، لأنه يدخل في الإسلام بلفظه، ويخرج منه بعقدة، كما يدخل اليربوع من باب ويخرج من باب. قال ابن قتيبة: والنفاق: لفظ إسلامي لم تكن العرب تعرفه قبل الإسلام. قال ابن عباس: والمراد بالذين نافقوا عبد الله بن أبي، وأصحابه. قال موسى بن عقبة: خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ومعه المسلمون، وهم ألف رجل، والمشركون ثلاثة آلاف، فرجع عنه ابن أبي في ثلاثمئة.
فأما القتال، فمباشرة الحرب. وفي المراد بالدفع ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه التكثير بالعدد. رواه مجاهد عن ابن عباس وهو قول الحسن، وعكرمة،