والآخر: في التسوية في الديات حتى تحاكموا إليه في الأمرين.
قوله تعالى: (واحذرهم أن يفتنوك) أي: يصرفوك (عن بعض ما أنزل الله إليك) وفيه قولان:
أحدهما: أنه الرجم، قاله ابن عباس.
والثاني: شأن القصاص والدماء، قاله مقاتل.
قوله تعالى: (فإن تولوا) فيه قولان:
أحدهما: عن حكمك.
والثاني: عن الإيمان، فاعلم أن إعراضهم من أجل أن الله يريد أن يعذبهم ببعض ذنوبهم.
وفي ذكر البعض قولان:
أحدهما: أنه على حقيقته، وإنما يصيبهم ببعض ما يستحقونه.
والثاني: أن المراد به الكل، كما يذكر لفظ الواحد، ويراد به الجماعة، كقوله [تعالى]:
(يا أيها النبي إذا طلقتم النساء) والمراد: جميع المسلمين. وقال الحسن: أراد ما عجله من إجلاء بني النضير وقتل بني قريظة.
قوله تعالى: (وإن كثيرا من الناس لفاسقون) قال المفسرون: أراد اليهود. وفي المراد بالفسق هاهنا ثلاثة أقوال:
أحدها: الكفر، قاله ابن عباس.
والثاني: الكذب، قاله ابن زيد.
والثالث: المعاصي، قاله مقاتل.
أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون (50) قوله تعالى: (أفحكم الجاهلية يبغون) قرأ الجمهور " يبغون " بالياء، لأن قبله غيبة، وهي قوله [تعالى]: (وإن كثيرا من الناس لفاسقون). وقرأ ابن عامر " تبغون " بالتاء، على معنى:
قل لهم. وسبب نزولها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حكم بالرجم على اليهوديين تعلق بنو قريظة ببني النضير، وقالوا: يا محمد هؤلاء إخواننا، أبونا واحد، وديننا واحد، إذا قتلوا منا قتيلا أعطونا سبعين وسقا من تمر، وإن قتلنا منهم واحدا أخذوا منا أربعين ومائة وسق، وإن قتلنا منهم رجلا قتلوا به رجلين، وإن قتلنا امرأة قتلوا بها رجلا، فاقض بيننا بالعدل، فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]: " ليس لبني النضير على بني قريظة فضل في عقل ولا دم " فقال بنو النضير: والله لا نرضى بقضائك، ولا نطيع أمرك، ولنأخذن