الكلام أن تقول: إذا رأيت الظالم والمظلوم أعنت، وإذا اجتمع السفيه والحليم حمد، وإنما كان ذلك، لأن المعنى لا يشكل، فلو قلت: مر بي رجل وامرأة، فأعنت، وأنت تريد أحدهما، لم يجز، لأنه ليس هناك علامة تدل على مرادك. وفي المراد بالمتقين قولان:.
أحدهما: أنهم الذين يتقون المعاصي، قاله ابن عباس.
والثاني: أنهم الذين يتقون الشرك، قاله الضحاك.
لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العلمين (28) قوله تعالى: (ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك) فيه قولان:
أحدهما: ما أنا بمنتصر لنفسي، قاله ابن عباس.
والثاني: ما كنت لأبتدئك، قاله عكرمة. وفي سبب امتناعه من دفعه عنه قولان:
أحدهما: أنه منعه التحرج مع قدرته على الدفع وجوازه له، قاله ابن عمر، وابن عباس.
والثاني: أن دفع الإنسان عن نفسه لم يكن في ذلك الوقت جائزا، قاله الحسن، ومجاهد.
وقال ابن جرير: ليس في الآية دليل على أن المقتول علم عزم القاتل على قتله، ثم ترك الدفع عن نفسه، وقد ذكر أنه قتله غيلة، فلا يدعى ما ليس في الآية إلا بدليل.
إني أريد أن تبوأ بإثمي وإثمك فتكون من أصحب النار وذلك جزاء الظالمين (29) قوله تعالى: (إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك) فيه قولان:
أحدهما: إني أريد أن ترجع بإثم قتلي وإثمك الذي في عنقك، هذا قول ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك.
والثاني: أن تبوء بإثمي في خطاياي، وإثمك في قتلك لي، وهو مروي عن مجاهد أيضا قال ابن جرير: والصحيح عن مجاهد القول الأول، وقد روى البخاري، ومسلم في " صحيحهما " من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه كان أول من سن القتل " فإن قيل: كيف أراد هابيل وهو من المؤمنين أن يبوء قابيل بالإثم وهو معصية، والمؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه؟ فعنه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أنه ما أراد لأخيه الخطيئة، وإنما أراد: إن قتلتني أردت أن تبوء بالإثم، وإلى هذا المعنى ذهب الزجاج.