سبيلا) وهم يقاتلوننا، فقال: ولن يجعل الله للكافرين يوم القيامة على المؤمنين سبيلا. هذا مروي عن ابن عباس، وقتادة.
والثاني: أن المراد بالسبيل: الظهور عليهم، يعني: أن المؤمنين هم الظاهرون، والعاقبة لهم، وهذا المعنى في رواية عكرمة، عن ابن عباس.
والثالث: أن السبيل: الحجة. قال السدي: لم يجعل الله عليهم حجة، يعني فيما فعلوا بهم من القتل والإخراج من الديار. قال ابن جرير: لما وعد الله المؤمنين أنه لا يدخل المنافقين مدخلهم من الجنة، ولا المؤمنين مدخل المنافقين، لم يكن للكافرين على المؤمنين حجة بأن يقولوا لهم: أنتم كنتم أعداءنا، وكان المنافقون أولياءنا، وقد اجتمعتم في النار.
إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا (142) قوله تعالى: (إن المنافقين يخادعون الله) أي: يعملون عمل المخادع. وقيل: يخادعون نبيه، وهو خادعهم، أي: مجازيهم على خداعهم. وقال الزجاج: لما أمر بقبول ما أظهروا، كان خادعا لهم بذلك. وقيل: خداعه إياهم يكون في القيامة باطفاء نورهم، وقد شرحنا طرفا من هذا في (البقرة).
قوله تعالى: (وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى) أي: متثاقلين. و (كسالى): جمع كسلان، و " الكسل ": التثاقل عن الأمر. وقرأ أبو عمران الجوني: " كسلى " بفتح الكاف، وقرأ ابن السميفع: " كسلى " بفتح الكاف من غير ألف. وإنما كانوا هكذا، لأنهم يصلون حذرا على دمائهم، لا يرجون بفعلها ثوابا، ولا يخافون بتركها عقابا.
قوله تعالى: (يراؤون الناس) أي: يصلون ليراهم الناس. قال قتادة: والله لولا الناس ما صلى المنافق. وفي تسمية ذكرهم بالقليل ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه سمي قليلا، لأنه غير مقبول، قاله علي [رضي الله عنه]، وقتادة.
والثاني: لأنه رياء، ولو كان لله لكان كثيرا، قاله ابن عباس، والحسن.
والثالث: أنه قليل في نفسه، لأنهم يقتصرون على ما يظهر، دون ما يخفى من القراءة والتسبيح، ذكره الماوردي.