والقول الثالث: أنها دمشق وفلسطين وبعض الأردن، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والرابع: أنها الشام كلها، قاله قتادة. وفي قوله تعالى: (التي كتب الله لكم) ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه بمعنى أمركم وفرض عليكم دخولها، قاله ابن عباس، والسدي.
والثاني: أنه بمعنى: وهبها الله لكم، قاله محمد بن إسحاق. وقال ابن قتيبة: جعلها لكم.
والثالث: كتب في اللوح المحفوظ أنها مساكنكم.
فإن قيل: كيف؟ قال: فإنها محرمة عليهم، وقد كتبها لهم؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أنه إنما جعلها لهم بشرط الطاعة، فلما عصوا حرمها عليهم.
والثاني: أنه كتبها لبني إسرائيل، وإليهم صارت، ولم يعن موسى أن الله كتبها للذين أمروا بدخولها بأعيانهم. قال ابن جرير: ويجوز أن يكون الكلام خرج مخرج العموم، وأريد به الخصوص فتكون مكتوبة لبعضهم، وقد دخلها يوشع، وكالب.
قوله تعالى: (ولا ترتدوا على أدباركم) فيه قولان:
أحدهما: لا ترجعوا عن أمر الله إلى معصيته.
والثاني: لا ترجعوا إلى الشرك به.
* * * قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون (22) قوله تعالى: (إن فيها قوما جبارين) قال الزجاج: الجبار من الآدميين: الذي يجبر الناس على ما يريد، يقال: جبار: بين الجبرية، والجبرية بكسر الجيم والباء، والجبروة والجبورة والتجبار والجبروت.
وفي معنى وصفه هؤلاء بالجبارين ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم كانوا ذوي قوة، قاله ابن عباس.
والثاني: أنهم كانوا عظام الخلق والأجسام، قاله قتادة.
والثالث: أنهم كانوا قتالين، قاله مقاتل.
الإشارة إلى القصة قال ابن عباس: لم نزل موسى وقومه بمدينة الجبارين، بعث اثني عشر رجلا، ليأتوه بخبرهم، فلقيهم رجل من الجبارين، فجعلهم في كسائه، فأتى بهم المدينة، ونادى في قومه، فاجتمعوا،