لعلي إن مالت بي الريح ميلة * على ابن أبي ديان أن يتندما فخبر عن ابن أبي ديان، وترك نفسه، وإنما أراد: لعل ابن أبي ديان أن يتندما إن مالت بي الريح ميلة. وقد يبدأ بالشئ، والمراد التأخير، كقوله [تعالى]: (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة) والمعنى: ترى وجوه الذين كذبوا على الله مسودة يوم القيامة.
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون (118) قوله [تعالى]: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم) قال ابن عباس، ومجاهد:
نزلت في قوم من المؤمنين كانوا يصافون المنافقين، ويواصلون رجالا من اليهود لما كان بينهم من القرابة، والصداقة، والجوار، والرضاع، والحلف، فنهوا عن مباطنتهم قال الزجاج: البطانة:
الدخلاء الذين يستبطنون وينبسط إليهم، يقال: فلان بطانة لفلان، أي: مداخل له، مؤانس.
ومعنى لا يألونكم: لا يتقون غاية في إلقائكم فيما يضركم.
(ودوا ما عنتم) أي: ودوا عنتكم، وهو ما نزل بكم من مكروه وضر، يقال: فلان يعنت فلانا، أي: يقصد إدخال المشقة والأذى عليه، وأصل هذا من قولهم: أكمة عنوت، إذ أكانت طويلة، شاقة المسلك. قال ابن قتيبة: ومعنى (من دونكم) أي: من غير المسلمين. والخبال:
الشر.
قوله [تعالى]: (قد بدت البغضاء من أفواههم) قال ابن عباس: أي: قد ظهر لكم منهم الكذب، والشتم، ومخالفة دينكم، قال القاضي أبو يعلى: وفي هذه الآية دلالة على أنه لا يجوز الاستعانة بأهل الذمة في أمور المسلمين من العمالات والكتبة، ولهذا قال أحمد: لا يستعين الإمام بأهل الذمة على قتال أهل الحرب وروي عن عمر أنه بلغه أن أبا موسى استكتب رجلا من أهل الذمة، فكتب إليه يعنفه، وقال: لا تردوهم إلى العز بعد إذ أذلهم الله.
ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور (119)