ستجدون قوما يظهرون الموافقة لكم ولقومهم، ليأمنوا الفريقين، كلما دعوا إلى الشرك، عادوا فيه، فإن لم يعتزلوكم في القتال، ويلقوا إليكم الصلح، ويكفوا أيديهم عن قتالكم، فخذوهم أي:
ائسروهم، واقتلوهم حيث أدركتموهم، وأولائكم جعلنا لكم عليهم حجة بينة في قتلهم.
فصل قال أهل التفسير: والكف عن هؤلاء المذكورين في هذه الآية منسوخ بآية السيف.
وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما (92) قوله تعالى: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ) في سبب نزولها قولان:
أحدهما: أن عياش بن أبي ربيعة أسلم بمكة قبل هجرة رسول الله، ثم خاف ان يظهر إسلامه لقومه، فخرج إلى المدينة فقالت أمه لابنيها أبي جهل، والحارث ابني هشام، وهما أخواه لأمه: والله لا يظلني سقف، ولا أذوق طعام ولا شرابا حتى تأتياني به. فخرجا في طلبه، ومعهما الحارث بن زيد، حتى أتوا عياشا وهو متحصن في أطم، فقالوا له انزل فإن أمك لم يؤوها سقف، ولو تذق طعاما، ولا شرابا، ولك علينا أن لا نحول بينك وبين دينك، فنزل، فأوثقوه، وجلده كل واحد منهم مائة جلدة، فقدموا به على أمه، فقالت: والله لا أحلك من وثاقك حتى تكفر، فطرح موثقا في الشمس حتى أعطاهم ما أرادوا، فقال له الحارث بن زيد: يا عياش لئن كان ما كنت عليه هدى لقد تركته، وإن كان ضلالا لقد ركبته. فغضب، وقال: والله لا ألقاك خاليا إلا قتلتك، ثم أفلت عياش بعد ذلك، وهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ثم أسلم الحارث بعده، وهاجر ولم يعلم عياش، فلقيه يوما فقتله، فقيل له: إنه قد أسلم، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان، وقال: لم أشعر بإسلامه، فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح، عن ابن عباس. وهو قول سعيد بن جبير، والسدي، والجمهور.