زاد المسير - ابن الجوزي - ج ٢ - الصفحة ٥٠
الغلول في غيره. ومثله: (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) وقد ذكر عن السدي نحو هذا.
قوله تعالى: (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) الغلول: أخذ شئ من المغنم خفية، ومنه الغلالة، وهي ثوب يلبس تحت الثياب، والغلل: وهو الماء الذي يجري بين الشجر، والغل:
وهو الحقد الكامن في الصدر، وأصل الباب الاختفاء وفي إتيانه بما غل ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه يأتي بما غله، يحمله، ويدل عليه ما روى البخاري ومسلم في " الصحيحين " من حديث أبي هريرة قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فذكر الغلول، فعظمه، وعظم أمره، ثم قال: " لا ألفين أحدكم يجئ يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء، يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجئ يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك. لا ألفين أحدكم يجئ يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك. لا ألفين أحدكم يجئ يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك. لا ألفين أحدكم يجئ يوم القيامة على رقبته صامت، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك. الرغاء: صوت البعير، والثغاء: صوت الشاة، والنفس: ما يغل من السبي، والرقاع: الثياب، والصامت: المال.
والقول الثاني: أنه يأتي حاملا إثم ما غل.
والثالث: أنه يرد عوض ما غل من حسناته، والقول الأول أصح لمكان الأثر الصحيح.
أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير (162) قوله تعالى: (أفمن اتبع رضوان الله) اختلفوا في معنى هذه الآية على قولين:
أحدهما: أن معناها: أفمن اتبع رضوان الله، فلم يغل، (كمن باء بسخط من الله) حين غل؟! هذا قول سعيد بن جبير، والضحاك، والجمهور.
والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر المسلمين باتباعه يوم أحد، اتبعه المؤمنون، وتخلف جماعة من المنافقين، فأخبر الله بحال من تبعه، ومن تخلف عنه، هذا قول الزجاج.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست