اليهود: قاموا لا قاموا، صلوا لا صلوا، على سبيل الاستهزاء والضحك، فنزلت هذه الآية، قاله ابن السائب.
والثاني: أن الكفار لما سمعوا الأذان حسدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين على ذلك، وقالوا: يا محمد لقد أبدعت شيئا لم نسمع به فيما مضى من الأمم الخالية، فإن كنت تدعي النبوة، فقد خالفت في هذا الأذان الأنبياء قبلك، فما أقبح هذا الصوت، وأسمج هذا الأمر، فنزلت هذه الآية، ذكره بعض المفسرين. وقال السدي: كان رجل من النصارى بالمدينة إذا سمع المنادي ينادي:
أشهد أن محمدا رسول الله، قال: حرق الكاذب، فدخلت خادمه ذات ليلة بنار وهو نائم، وأهله نيام، فسقطت شرارة فأحرقت البيت، فاحترق هو وأهله. والمناداة: هي الأذان، واتخاذهم إياها هزوا: تضاحكهم وتغامزهم (ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) ما لهم في إجابة الصلاة، وما عليهم في استهزائهم بها.
قل يأهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون (59) قوله تعالى: (قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا) سبب نزولها: أن نفرا من اليهود أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألوه عمن يؤمن به من الرسل، فذكر جميع الأنبياء، فلما ذكر عيسى، جحدوا نبوته، وقالوا: والله ما نعلم دينا شرا من دينكم، فنزلت هذه الآية والتي بعدها، قاله ابن عباس.
وقرأ الحسن، والأعمش: " تنقمون " بفتح القاف. قال الزجاج: يقال: نقمت على الرجل أنقم، ونقمت عليه أنقم، والأول أجود. ومعنى " نقمت ": بالغت في كراهة الشئ، والمعنى: هل تكرهون منا إلا إيماننا، وفسقكم، لأنكم علمتم أننا على حق، وأنكم فسقتم.
قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل (60)