فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التورة وهدى وموعظة للمتقين (46) قوله تعالى: (وقفينا على آثارهم) أي: وأتبعنا على آثار النبيين الذين أسلموا (بعيسى) فجعلناه يقفو آثارهم (مصدقا) أي: بعثناه مصدقا (لما بين يديه) (وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا) ليس هذا تكرارا للأول، لأن الأول لعيسى، والثاني للإنجيل، لأن عيسى كان يدعو إلى التصديق بالتوراة، والإنجيل أنزل وفيه ذكر التصديق بالتوراة.
وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون قوله تعالى: (وليحكم أهل الإنجيل) قرأ الأكثرون بجزم اللام على معنى الأمر، تقديره:
وأمرنا أهله أن يحكموا بما أنزل الله فيه. وقرأ الأعمش، وحمزة بكسر اللام، وفتح الميم على معنى " كي "، فكأنه قال: وآتيناه الإنجيل لكي يحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه.
وأنزلنا إليك الكتب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتكم ابن فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون (48) قوله تعالى: (وأنزلنا إليك الكتاب) يعني القرآن (بالحق) أي: بالصدق (مصدقا لما بين يديه من الكتاب) قال ابن عباس: يريد كل كتاب أنزله الله تعالى. وفي " المهيمن " أربعة أقوال:
أحدها: أنه المؤيمن قوله رواه التميمي عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير، وعكرمة، وعطاء، والضحاك. وقال المبرد: " مهيمن " في معنى: " مؤيمن " إلا أن الهاء بدل من الهمزة، كما قالوا:
أرقت الماء، وهرقت، وإياك وهياك. وأرباب هذا القول يقولون: المعنى: أن القرآن مؤتمن على ما قبله من الكتب إلا أن ابن أبي نجيح روى عن مجاهد: ومهيمنا عليه. قال: محمد مؤتمن على القرآن. فعلى قوله [تعالى]: في الكلام محذوف، كأنه قال: وجعلناك يا محمد مهيمنا عليه، فتكون هاء " عليه " راجعة إلى القرآن. وعلى غير قول مجاهد ترجع إلى الكتب المتقدمة.