ومثله: (من كل باب. سلام عليكم) والمعنى: يقولون: سلام عليكم. والألف لفظها الاستفهام، ومعناها التقرير والتوبيخ. فإن قلنا: إنهم جميع الكفار، فإنهم آمنوا يوم الميثاق، ثم كفروا، وإن قلنا: إنهم الحرورية، وأهل البدع، فكفرهم بعد إيمانهم: مفارقة الجماعة في الاعتقاد، وإن قلنا:
اليهود، فإنهم آمنوا بالنبي قبل مبعثه، ثم كفروا بعد ظهوره، وإن قلنا: المنافقون، فإنهم قالوا بألسنتهم، وأنكروا بقلوبهم.
قوله [تعالى]: (فذوقوا العذاب) أصل الذوق إنما يكون بالفم، وهذا استعارة منه، فكأنهم جعلوا ما يتعرف ويعرف مذوقا على وجه التشبيه بالذي يعرف عند التطعم، تقول العرب: قد ذقت من إكرام فلان ما يرغبني في قصده، يعنون: عرفت، ويقولون ذق الفرس، فاعرف ما عنده.
قال تميم بن مقبل:
أو كاهتزاز رديني تذاوقه * أيدي التجار فزادوا متنه لينا وقال الآخر:
وإن الله ذاق حلوم قيس * فلما راء خفتها قلاها يعنون بالذوق: العلم. وفي كتاب الخليل: كل ما نزل بإنسان من مكروه، فقد ذاقه.
وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون (107) قوله [تعالى]: (وأما الذين ابيضت وجوههم) قال ابن عباس: هم المؤمنون. ورحمة الله: جنته، قال ابن قتيبة: وسمى الجنة رحمة، لأن دخولهم إياها كان برحمته. وقال الزجاج:
معناه: في ثواب رحمته، قال: وأعاد ذكر " فيها " توكيدا.
تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما للعالمين (108) قوله [تعالى]: (وما الله يريد ظلما للعالمين) قال بعضهم: معناه: لا يعاقبهم بلا جرم.
وقال الزجاج: أعلمنا أنه يعذب من عذبه باستحقاق.
ولله ما في السماوات وما في الأرض وإلى الله ترجع الأمور (109) كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون (110)