كنت معهم فأفوز فوزا عظيما (73) قوله تعالى: (وإن منكم لمن ليبطئن) اختلفوا فيمن نزلت على قولين:
أحدهما: أنها في المنافقين، كعبد الله بن أبي، وأصحابه كانوا يتثاقلون عن الجهاد، فإن لقيت السرية نكبة، قال من أبطأ منهم: لقد أنعم الله علي، وإن لقوا غنيمة، قال: يا ليتني كنت معهم. هذا قول ابن عباس، وابن جريج.
والثاني: أنها نزلت في المسلمين الذين قلت علومهم بأحكام الدين، فتثبطوا لقلة العلم، لا لضعف الدين، ذكره الماوردي وغيره. فعلى الأول تكون إضافتهم إلى المؤمنين بقوله " منكم " لموضع نطقهم بالإسلام، وجريان أحكامه عليهم، وعلى الثاني تكون الإضافة حقيقة. قال ابن جرير: اللام في (لمن) لام تأكيد. قال الزجاج: واللام في (ليبطئن) لام القسم، كقولك: إن منكم لمن أحلف بالله ليبطئن، يقال: " أبطأ الرجل " و " بطؤ " فمعنى " أبطأ " تأخر، ومعنى " بطؤ ": ثقل. وقرأ أبو جعفر: (ليبطئن) بتخفيف الهمزة. وفي معنى " ليبطئن " قولان:
أحدهما: ليبطئن هو نفسه، وهو قول ابن عباس:
والثاني: ليبطئن غيره، قاله ابن جريج. قال ابن عباس: و " المصيبة ": النكبة. و " الفضل من الله ": الفتح والغنيمة.
قوله تعالى: (كأن لم يكن بينكم وبينه مودة) قرأ ابن كثير، وحفص، والمفضل، عن عاصم:
كأن لم تكن بالتاء، لأن الفاعل المسند إليه مؤنث في اللفظ وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر، عن عاصم: يكن بالياء، لأن التأنيث ليس بحقيقي. قال الزجاج: يجوز أن يكون المعنى:
ليقولن يا ليتني كنت معهم، كأن لم يكن بينكم وبينه مودة، أي: كأنه لم يعاقدكم على أن يجاهد معكم، ويجوز أن يكون هذا الكلام معترضا به، فيكون المعنى: ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن يا ليتني كنت معهم فإن أصابتكم مصيبة، قال: قد أنعم الله علي، كأن لم يكن بينكم وبينه مودة. فيكون معنى " المودة " أي: كأنه لم يعاقدكم على الإيمان.
فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما (74)