فقالت: وهو علي حرام إن لم تأكله، فقال الضيف: وهو علي حرام إن لم تأكلوه، فلما رأى ذلك ابن رواحة قال: قربي طعامك، كلوا بسم الله، ثم غدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك فقال:
أحسنت، ونزلت هذه الآية، وقرأ حتى بلغ (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) رواه عبد الرحمن بن زيد عن أبيه. فأما " الطيبات " فهي اللذيذات التي تشتهيها النفوس مما أبيح وفي قوله [تعالى]: " ولا تعتدوا " خمسة أقوال:
أحدها: لا تجبوا أنفسكم، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وإبراهيم.
والثاني: لا تأتوا ما نهى الله عنه، قاله الحسن.
والثالث: لا تسيروا بغير سيرة المسلمين من ترك النساء، وإدامة الصيام، والقيام، قاله عكرمة.
والرابع: لا تحرموا الحلال، قاله مقاتل.
والخامس: لا تغصبوا من الأموال المحرمة، ذكره الماوردي.
لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفرة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون (89) قوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) سبب نزولها: أنه لما نزل قوله [تعالى]: (لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) قال القوم الذين كانوا حرموا النساء واللحم: يا رسول الله كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها؟ فنزلت هذه الآية، رواه العوفي عن ابن عباس.
وقد سبق ذكر " اللغو " في سورة (البقرة).
قوله تعالى: (بما عقدتم الأيمان) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: " عقدتم " بغير ألف، مشددة القاف. قال أبو عمرو: معناها: وكدتم، وقرأ أبو بكر، والمفضل عن عاصم: " عقدتم " خفيفة بغير ألف، واختارها أبو عبيد. قال ابن جرير: معناها:
أوجبتموها على أنفسكم. وقرأ ابن عامر: " عاقدتم " بألف، مثل " عاهدتم ". قال القاضي أبو يعلى: وهذه القراءة المشددة لا تحتمل إلا عقد قول. فأما المخففة، فتحتمل عقد القلب، وعقد القول. وذكر المفسرون في معنى الكلام قولين: