أحد ممن أبى دخول قرية الجبارين إلا مات، ولم يشهد الفتح. وفيه قول آخر أنه لما مضت الأربعون خرج موسى ببني إسرائيل من التيه، وقال لهم: ادخلوا هذه القرية، فكلوا منها حيث شئتم رغدا، وادخلوا الباب سجدا، وقولوا حطة... إلى آخر القصة. وهذا قول الربيع بن أنس، وعبد الرحمن بن زيد. وقال ابن جرير الطبري، وأبو سليمان الدمشقي: وهذا الصحيح، وان موسى هو الذي فتح مدينة الجبارين مع الصالحين من بني إسرائيل، لأن أهل السيرة أجمعوا على أن موسى هو قاتل عوج، وكان عوج ملكهم، وكان بلعم بن باعوراء فيمن سباه موسى وقتله، ولم يدخل مع موسى من قدمائهم غير يوشع وكالب، وإنما حرمت على الذين لم يطيعوا. وفي مسافة أرض التيه قولان، أحدهما: تسعة فراسخ، قاله ابن عباس. وقال مقاتل: هذا عرضها، وطولها ثلاثون فرسخا.
والثاني: ستة فراسخ في طول اثني عشر فرسخا، حكاه مقاتل أيضا.
قوله تعالى: (فلا تأس على القوم الفاسقين) قال الزجاج: لا تحزن على قوم شأنهم المعاصي، ومخالفة الرسل. وقال ابن قتيبة: يقال أسيت على كذا، أي: حزنت، فأنا آسي أسى.
واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الأخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين (27) قوله تعالى: (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق) النبأ: الخبر. وفي ابني آدم قولان:
أحدهما: أنهما ابناه لصلبه، وهما قابيل وهابيل، قاله ابن عمر، وابن عباس، ومجاهد، وقتادة.
والثاني: أنها أخوان من بني إسرائيل، ولم يكونا ابني آدم لصلبه، هذا قول الحسن، والعلماء على الأول، وهو أصح لقوله [تعالى]: (ليريه كيف يواري سوأة أخيه) ولو كان من بني إسرائيل، لكان قد عرف الدفن، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال عنه: " إنه أول من سن القتل " وقوله تعالى:
(بالحق) أي: كما كان. والقربان: فعلان من القرب، وقد ذكرناه في (آل عمران)