والثاني: إلى الهدى، قاله أبو سليمان الدمشقي.
ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا (89) قوله تعالى: (ودوا لو تكفرون كما كفروا) أخبر الله عز وجل المؤمنين بما في ضمائر تلك الطائفة، لئلا يحسنوا الظن بهم، ولا يجادلوا عنهم، وليعتقدوا عداوتهم.
قوله تعالى: (فلا تتخذوا منهم أولياء) أي: لا توالوهم فإنهم أعداء لكم (حتى يهاجروا) أي: يرجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس: فإن تولوا عن الهجرة والتوحيد، (فخذوهم) أي:
ائسروهم، واقتلوهم حيث وجدتموهم في الحل والحرم.
فصل قال القاضي أبو يعلى: كانت الهجرة فرضا إلى أن فتحت مكة. وقال الحسن: فرض الهجرة باق، واعلم أن الناس في الهجرة على ثلاثة أضرب:
أحدها: من تجب عليه، وهو الذي لا يقدر على إظهار الإسلام في دار الحرب، خوفا على نفسه، وهو قادر على الهجرة، فتجب عليه لقوله (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها).
والثاني: من لا تجب عليه بل تستحب له، وهو من كان قادرا على إظهار دينه في دار الحرب.
والثالث: من لا تستحب له وهو الضعيف الذي لا يقدر على إظهار دينه، ولا على الحركة كالشيخ الفاني، والزمن فلم تستحب له للحوق المشقة.
إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاؤكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا (90) قوله تعالى: (إلا الذين يصلون) هذا الاستثناء راجع إلى القتل، لا إلى الموالاة وفي " يصلون " قولان: