والثالث: أن الأطباء وصفوا له حين أصابه " النسا " اجتناب ما حرمه، فحرمه، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والرابع: أنه كان إذا أكل ذلك الطعام، أصابه عرق النسا، فيبيت وقيذا فحرمه، قاله أبو سليمان الدمشقي. واختلفوا: هل حرم ذلك بإذن الله، أم باجتهاده؟ على قولين، واختلفوا: بماذا ثبت تحريم الطعام الذي حرمه على اليهود، على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه حرم عليهم بتحريمه، ولم يكن محرما في التوراة، قاله عطية. وقال ابن عباس:
قال يعقوب: لئن عافاني الله لا يأكله لي ولد.
والثاني: أنهم وافقوا أباهم يعقوب في تحريمه، لا أنه حرم عليهم بالشرع، ثم أضافوا تحريمه إلى الله، فأكذبهم الله بقوله: (قل فأتوا بالتوراة فاتلوها) هذا قول الضحاك.
والثالث: أن الله حرمه عليهم بعد التوراة لا فيها. وكانوا إذا أصابوا ذنبا عظيما، حرم عليهم به طعام طيب، أو صب عليهم عذاب، هذا قول ابن السائب. قال ابن عباس: (فأتوا بالتوراة فاتلوها) هل تجدون فيها تحريم لحوم الإبل وألبانها!.
فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون (94) قوله [تعالى]: (فمن افترى) يقول: اختلق (على الله الكذب من بعد ذلك) * أي: من بعد البيان في كتابهم، وقيل: من بعد مجيئكم بالتوراة وتلاوتكم.
قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين (95) قوله تعالى: (قل صدق الله) الصدق: الإخبار بالشئ على ما هو به، وضده الكذب.
واختلفوا أي خبر عنى بهذه الآية؟ على قولين:
أحدهما: أنه عنى قوله [تعالى]: (ما كان إبراهيم يهوديا)، قاله مقاتل، وأبو سليمان الدمشقي.
والثاني: أنه عنى قوله [تعالى]: (كل الطعام كان حلا) قاله ابن السائب.
إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين (96) قوله [تعالى]: (إن أول بيت وضع للناس) قال مجاهد: افتخر المسلمون واليهود، فقالت