أحدهما: اتباعه على التوحيد والطاعة.
والثاني: اتباع شريعته، اختاره القاضي، أبو يعلى. فأما الخليل، فقال ابن عباس: الخليل الصفي، وقال غيره: المصافي، وقال الزجاج: هو المحب الذي ليس في محبته خلل. قال: وقيل:
الخليل: الفقير، فجائز أن يكون إبراهيم سمي خليل الله بأنه أحبه محبة كاملة، وجائز أن يكون لأنه لم يجعل فقره وفاقته إلا إليه، و " الخلة ": الصداقة، لأن كل واحد يسد خلل صاحبه، و " الخلة " بفتح الخاء: الحاجة: سميت خلة للاختلال الذي يلحق الانسان فيما يحتاج إليه، وسمي الخل الذي يؤكل خلا، لأنه اختل منه طعم الحلاوة. وقال ابن الأنباري: الخليل: فعيل من الخلة، والخلة: المودة. وقال بعض أهل اللغة: الخليل، المحب، والمحب الذي ليس في محبته نقص ولا خلل، والمعنى: أنه كان يحب الله، ويحبه الله محبة لا نقص فيها، ولا خلل، ويقال: الخليل:
الفقير، فالمعنى: اتخذه فقيرا إليه ينزل فقره وفاقته به، لا بغيره. وفي سبب اتخاذ الله له خليلا ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه اتخذه خليلا لإطعامه الطعام، روى عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" يا جبريل لم اتخذ الله إبراهيم خليلا؟ قال: لإطعامه الطعام ".
والثاني: أن الناس أصابتهم سنة فأقبلوا إلى باب إبراهيم يطلبون الطعام، وكانت له ميرة من صديق له بمصر في كل سنة، فبعث غلمانه بالإبل إلى صديقه، فلم يعطهم شيئا، فقالوا: لو احتملنا من هذه البطحاء ليرى الناس أنا قد جئنا بميرة، فملؤوا الغرائر رملا، ثم أتوا إبراهيم عليه السلام، فأعلموه، فاهتم إبراهيم لأجل الخلق. فنام وجاءت سارة وهي لا تعلم ما كان، ففتحت الغرائر، فإذا دقيق حواري، فأمرت الخبازين فخبزوا، وأطعموا الناس، فاستيقظ إبراهيم، فقال: من أين هذا الطعام؟ فقالت: من عند خليلك المصري، فقال: بل من عند خليلي الله عز وجل، فيومئذ اتخذه الله خليلا، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثالث: أنه اتخذه خليلا لكسره الأصنام، وجداله قومه، قاله مقاتل.
ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شئ محيطا (126) قوله تعالى: (وكان الله بكل شئ محيطا) أي: أحاط علمه بكل شئ.