مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا (143) قوله تعالى: (مذبذبين بين ذلك) المذبذب: المتردد بين أمرين، وأصل التذبذب:
التحرك، والاضطراب، وهذه صفة المنافق، لأنه محير في دينه لا يرجع إلى اعتقاد صحيح. قال قتادة: ليسوا بالمشركين المصرحين بالشرك، ولا بالمؤمنين المخلصين. قال ابن زيد: ومعنى (بين ذلك): بين الاسلام والكفر، لم يظهروا الكفر فيكونوا إلى الكفار، ولم يصدقوا الإيمان، فيكونوا إلى المؤمنين. قال ابن عباس: (ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا) إلى الهدى. وقد روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " مثل المنافق: مثل الشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة، وإلى هذه مرة، ولا تدري أيها تتبع ".
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا (144) قوله تعالى: (لا تتخذوا الكافرين أولياء) في المراد بالكافرين قولان:
أحدهما: اليهود، قاله ابن عباس.
والثاني: المنافقون، قال الزجاج: ومعنى الآية: لا تجعلوهم بطانتكم وخاصتكم.
والسلطان: الحجة الظاهرة، وإنما قيل للأمير: سلطان، لأنه حجة الله في أرضه، واشتقاق السلطان: من السليط. والسليط: ما يستضاء به، ومن هذا قيل للزيت: السليط. والعرب تؤنث السلطان وتذكره، تقول: قضت عليك السلطان، وأمرتك السلطان، والتذكير أكثر، وبه جاء القرآن، فمن أنث، ذهب إلى معنى الحجة، ومن ذكر، أراد صاحب السلطان. قال ابن الأنباري: تقدير الآية: أتريدون أن تجعلوا لله عليكم بموالاة الكافرين حجة بينة تلزمكم عذابه، وتكسبكم غضبه؟
إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا (145) قوله تعالى: (إن المنافقين في الدرك الأسفل) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن