والثاني: أنه نبه بأكل الطعام على عاقبته، وهو الحدث، إذ لا بد لآكل الطعام من الحدث، قاله ابن قتيبة. قال: وقوله [تعالى]: (انظر كيف نبين لهم الآيات) من ألطف ما يكون من الكناية. و " يؤفكون ": يصرفون عن الحق ويعدلون، يقال: أفك الرجل عن كذا: إذا عدل عنه، وأرض مأفوكة: محرومة المطر والنبات، كأن ذلك صرف عنها وعدل.
قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم (76) قوله تعالى: (قل أتعبدون من دون الله) قال مقاتل: قل لنصارى نجران: أتعبدون من دون الله، يعني عيسى ولا يملك لكم ضرا في الدنيا، ولا نفعا في الآخرة. والله هو السميع لقولهم: المسيح ابن الله، وثالث ثلاثة، العليم بمقالتهم.
قل يأهل الكتب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل (77) قوله تعالى: (قل يا أهل الكتاب) قال مقاتل: هم نصارى نجران. والمعنى: لا تغلوا في دينكم، فتقولوا غير الحق في عيسى. وقد بينا معنى " الغلو " في آخر سورة (النساء) قوله تعالى: (ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل) قال أبو سليمان: من قبل أن تضلوا. وفيهم قولان:
أحدهما: أنهم رؤساء الضلالة من اليهود.
والثاني: رؤساء اليهود والنصارى، والآية خطاب للذين كانوا في عصر نبينا صلى الله عليه وسلم نهوا أن يتبعوا أسلافهم فيما ابتدعوه بأهوائهم.
لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (78) قوله تعالى: (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل) في لعنهم قولان:
أحدهما: أنه نفس اللعن، ومعناه: المباعدة من الرحمة. قال ابن عباس: لعنوا على لسان داود، فصاروا قردة، ولعنوا على لسان عيسى في الإنجيل. قال الزجاج: وجائز أن يكون داود وعيسى أعلما أن محمدا نبي، ولعنا من كفر به.