والرابع: أنه إعطاؤهم أحبارهم أموالهم على ما يصنعونه من التكذيب بالنبي صلى الله عليه وسلم ذكره الماوردي.
قوله تعالى: (ويريدون أن تضلوا) خطاب للمؤمنين. والمراد بالسبيل: طريق الهدى.
والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا (45) قوله تعالى: (والله أعلم بأعدائكم) فهو يعلمكم ما هم عليه، فلا تستنصحوهم، وهم اليهود، (وكفى بالله وليا) لكم، فمن كان وليه، لم يضره عدوه. قال الخطابي: " الولي ":
الناصر، و " الولي ": المتولي للأمر، والقائم به، وأصله، من الولي، وهو القرب، و " النصير ":
فعيل بمعنى فاعل.
من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا (46) قوله تعالى: (من الذين هادوا) قال مقاتل: نزلت في رفاعة بن زيد، ومالك ابن الضيف، وكعب بن أسيد، وكلهم يهود. وفي " من " قولان: ذكرهما الزجاج:
أحدهما: أنها من صلة الذين أوتوا الكتاب، فيكون المعنى: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من الذين هادوا.
والثاني: أنها مستأنفة، فالمعنى: من الذين هادوا قوم يحرفون، فيكون قوله: يحرفون، صفة، ويكون الموصوف محذوفا، وأنشد سيبويه:
وما الدهر إلا تارتان فمنهما * أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح والمعنى: فمنهما تارة أموت فيها. قال أبو علي الفارسي: والمعنى: وكفى بالله نصيرا من الذين هادوا، أي: إن الله ينصر عليهم.
فأما " التحريف "، فهو التغيير. و (الكلم): جمع كلمة. وقيل: إن " الكلام " مأخوذ من " الكلم "، وهو الجرح الذي يشق الجلد واللحم، فسمي الكلام كلاما، لأنه يشق الأسماع بوصوله إليها، وقيل: بل لتشقيقه المعاني المطلوبة في أنواع الخطاب.