أحدها: نفاقهم واستهزاؤهم.
والثاني: ردهم حكم النبي صلى الله عليه وسلم.
والثالث: معاصيهم المتقدمة.
قوله تعالى: (إن أردنا) بمعنى. ما أردنا.
قوله تعالى: (إلا إحسانا وتوفيقا) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لما قتل عمر صاحبهم، جاؤوا يطلبون بدمه، ويحلفون ما أردنا في المطالبة بدمه إلا إحسانا إلينا، وما يوافق الحق في أمرنا.
والثاني: ما أردنا بالترافع إلى عمر إلا إحسانا وتوفيقا.
والثالث: أنهم جاؤوا يعتذرون إلى النبي صلى الله عليه وسلم من محاكمتهم إلى غيره، ويقولون: ما أردنا في عدولنا عنك إلا إحسانا بالتقريب في الحكم، وتوفيقا بين الخصوم دون الحمل على مر الحق.
أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا (63) قوله تعالى: (أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم) أي: من النفاق والزيغ. وقال ابن عباس: إضمارهم خلاف ما يقولون (فأعرض عنهم) ولا تعاقبهم (وعظهم) بلسانك (وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا) أي: تقدم إليهم: إن فعلتم الثانية، عاقبتكم. وقال الزجاج: يقال: بلغ الرجل يبلغ بلاغة فهو بليغ: إذا كان يبلغ بعبارة لسانه كنه ما في قلبه.
وقد تكلم العلماء في حد " البلاغة " فقال بعضهم: " البلاغة " إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ، وقيل: " البلاغة ": حسن العبارة مع صحة المعنى، وقيل: البلاغة:
الإيجاز مع الإفهام، والتصرف من غير إضجار. قال خالد بن صفوان: أحسن الكلام ما قلت ألفاظه، وكثرت معانيه، وخير الكلام ما شوق أوله إلى سماع آخره، وقال غيره: إنما يستحق الكلام اسم البلاغة إذا سابق لفظه معناه، ومعناه لفظه، ولم يكن لفظه إلى سمعك أسبق من معناه إلى قلبك.
فصل وقد ذهب قوم إلى أن " الإعراض " المذكور في هذه الآية منسوخ بآية السيف.