في قوله [تعالى]: (إلا ما قد سلف) على نحو ما تقدم في الآية التي قبلها. وقد زادوا في هذا قولين آخرين:
أحدهما: إلا ما قد سلف من أمر يعقوب عليه السلام، لأنه جمع بين أم يوسف وأختها، وهذا مروي عن عطاء، والسدي، وفيه ضعف لوجهين:
أحدهما: أن هذا التحريم يتعلق بشريعتنا، وليس كل الشرائع تتفق، ولا وجه للعفو عنا فيما فعله غيرنا.
والثاني: أنه لو طولب قائل هذا بتصحيح نقله، لعسر عليه.
والقول الثاني: أن تكون فائدة هذا الاستثناء أن العقود المتقدمة على الأختين لا تنفسخ، ويكون للإنسان أن يختار إحداهما، ومنه حديث فيروز الديلمي قال: أسلمت وعندي أختان، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " طلق إحداهما " ذكره القاضي أبو يعلى.
والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما (24) قوله: (والمحصنات من النساء) أما سبب نزولها، فروى أبو سعيد الخدري قال: أصبنا سبايا يوم أوطاس لهن أزواج، فكرهنا أن نقع عليهن، فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية، فاستحللناهن.
وأما خلاف القراء، فقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر، وحمزة بفتح الصاد في كل القرآن، وفتح الكسائي الصاد في هذه وحدها، قال ابن قتيبة: والإحصان: أن يحمي الشئ، ويمنع منه، فالمحصنات: ذوات الأزواج، لأن الأزواج أحصنوهن، ومنعوا منهن.
والمحصنات: الحرائر وإن لم يكن متزوجات، لأن الحرة تحصن وتحصن، وليست كالأمة. والثاني: العفائف: فإنهن حرام على الرجال إلا بعقد نكاح، أو ملك يمين. وهذا قول