الأشياء، ومعنى أغرينا بينهم العداوة والبغضاء: أنهم صاروا فرقا يكفر بعضهم بعضا. وفي الهاء والميم من قوله (بينهم) قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى اليهود والنصارى، قاله مجاهد، وقتادة، والسدي.
والثاني: ترجع إلى النصارى خاصة، قاله الربيع. وقال الزجاج: هم النصارى، منهم النسطورية، واليعقوبية، والملكية، وكل فرقة منهم تعادي الأخرى. وفي تمام الآية وعيد شديد لهم.
يا أهل الكتب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتب ويعفوا عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين (15) قوله تعالى: (يأهل الكتاب) فيهم قولان:
أحدهما: أنهم اليهود.
والثاني: اليهود والنصارى. والرسول: محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: (يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب) قال ابن عباس: أخفوا آية الرجم وأمر محمد [عليه السلام] وصفته (ويعفو عن كثير) يتجاوز، فلا يخبرهم بكتمانه. فإن قيل: كيف كان له أن يمسك عن حق كتموه فلا يبينه؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أنه كان متلقيا ما يؤمر به، فإذا أمر باظهار شئ من أمرهم، أظهره، وأخذهم به، وإلا سكت.
والثاني: أن عقد الذمة إنما كان على أن يقروا على دينهم، فلما كتموا كثيرا مما أمروا به، واتخذوا غيره دينا، أظهر عليهم ما كتموه من صفته وعلامة نبوته، لتتحقق معجزته عندهم، واحتكموا إليه في الرجم، فأظهر ما كتموا مما يوافق شريعته، وسكت عن أشياء ليتحقق إقرارهم على دينهم.
قوله تعالى: (قد جاءكم من الله نور) قال قتادة: يعني بالنور: النبي محمدا صلى الله عليه وسلم وقال غيره:
هو الإسلام، فأما الكتاب المبين، فهو القرآن.
يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلم ويخرجهم من الظلمات إلى النور باذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم (16)