طول البقاء، وسينقطع عن قريب. قال سعيد بن جبير: هي متاع الغرور لمن لم يشتغل بطلب الآخرة، فأما من يشتغل بطلب الآخرة، فهي له متاع بلاغ إلى ما هو خير منها.
لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور (186) قوله تعالى: (لتبلون في أموالكم وأنفسكم) في سبب نزولها خمسة أقوال:
أحدها: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي، وعبد الله بن رواحة، فغشي المجلس عجاجة الدابة، فخمر ابن أبي أنفه بردائه، وقال: لا تغبروا علينا، فنزل رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، ثم دعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فقال ابن أبي: إنه لا أحسن مما تقول، إن كان حقا فلا تؤذنا في مجالسنا. وقال ابن رواحة: اغشنا به في مجالسنا يا رسول الله، فإنا نحب ذلك، فاستب المسلمون، والمشركون، واليهود، فنزلت هذه الآية، رواه عروة عن أسامة بن زيد.
والثاني: أن المشركين واليهود كانوا يؤذون النبي [صلى الله عليه وسلم] وأصحابه أشد الأذى، فنزلت هذه الآية، قاله كعب بن مالك الأنصاري.
والثالث: أنها نزلت فيما جرى بين أبي بكر الصديق، وبين فنحاص اليهودي، وقد سبق ذكره عن ابن عباس.
والرابع: أنها نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق، قاله أبو صالح عن ابن عباس. واختاره مقاتل: وقال عكرمة: نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر الصديق، وفنحاص اليهودي.
والخامس: أنها نزلت في كعب بن الأشرف، كان يحرض المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في شعره، وهذا مذهب الزهري.
قال الزجاج: ومعنى (لتبلون) لتختبرن، أي: توقع عليكم المحن، فيعلم المؤمن حقا من غيره. و " النون " دخلت مؤكدة مع لام القسم، وضمت الواو لسكونها، وسكون النون وفي البلوى في الأموال قولان:
أحدهما: ذهابها ونقصانها.
والثاني: ما فرض فيها من الحقوق.