هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون (163) قوله تعالى: (هم درجات) قال الزجاج: معناه: هم ذوو درجات. وفي معنى درجات قولان:
أحدهما: أنها درجات الجنة، قاله الحسن.
والثاني: أنها فضائلهم، فبعضها أفضل من بعض، قاله الفراء، وابن قتيبة.
وفيمن عنى بهذا الكلام قولان:
أحدهما: أنهم الذين اتبعوا رضوان الله، والذين باؤوا بسخط من الله، فلمن اتبع رضوانه الثواب، ولمن باء بسخطه العذاب، هذا قول ابن عباس.
والثاني: أنهم الذين اتبعوا رضوان الله فقط، فإنهم يتفاوتون في المنازل، هذا قول سعيد بن جبير، وأبي صالح، ومقاتل.
لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين (164) قوله تعالى: (لقد من الله على المؤمنين) أي: أنعم عليهم. و (أنفسهم): جماعتهم، وقيل: نسبهم. وقرأ الضحاك، وأبو الجوزاء: (من أنفسهم) بفتح الفاء. وفي وجه الامتنان عليهم بكونه من أنفسهم أربعة أقوال:
أحدها: لكونه معروف النسب فيهم، قاله ابن عباس، وقتادة.
والثاني: لكونهم قد خبروا أمره، وعلموا صدقه، قاله الزجاج.
والثالث: ليسهل عليهم التعلم منه، لموافقة لسانه للسانهم، قاله أبو سليمان الدمشقي.
والرابع: لأن شرفهم يتم بظهور نبي منهم، قاله الماوردي.
وهل هذه الآية خاصة أم عامة؟ فيه قولان:
أحدهما: أنها خاصة للعرب، روي عن عائشة والجمهور.
والثاني: أنها عامة لسائر المؤمنين، فيكون المعنى أنه ليس بملك، ولا بني آدم، وهذا اختيار الزجاج. وقد سبق في (البقرة) بيان باقي الآية.