قوله تعالى: (ولا تزال تطلع على خائنة منهم) وقرأ الأعمش " على خيانة منهم " قال ابن قتيبة: الخائنة: الخيانة. ويجوز أن تكون صفة للخائن، كما يقال: رجل طاغية، وراوية للحديث.
قال ابن عباس: وذلك مثل نقض قريظة عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخروج كعب بن الأشرف إلى أهل مكة للتحريض على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (إلا قليلا منهم) لم ينقضوا العهد، وهم عبد الله بن سلام وأصحابه، وقيل: بل القليل ممن لم يؤمن.
قوله تعالى: (فاعف عنهم واصفح) واختلفوا في نسخها على قولين:
أحدهما: انها منسوخة، قاله الجمهور. واختلفوا في ناسخها على ثلاثة أقوال:.
أحدها: أنها آية السيف.
والثاني: قوله [تعالى]: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله...).
والثالث: قوله [تعالى]: (وإما تخافن من قوم خيانة).
والثاني: أنها نزلت في قوم كان بينهم وبين النبي [صلى الله عليه وسلم] عهد، فغدروا، وأرادوا قتل النبي [صلى الله عليه وسلم [فأظهره الله عليهم، ثم أنزل الله هذه الآية، ولم تنسخ. قال ابن جرير: يجوز أن يعفى عنهم في غدرة فعلوها، ما لم ينصبوا حربا، ولم يمتنعوا من أداء الجزية والإقرار بالصغار، فلا يتوجه النسخ.
ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيمة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون (14) قوله تعالى: (ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم) قال الحسن: إنما قال: قالوا: إنا نصارى، ولم يقل: من النصارى، ليدل على أنهم ليسوا على منهاج النصارى حقيقة، هم الذين اتبعوا المسيح. وقال قتادة: كانوا بقرية، يقال لها: ناصرة، فسموا بهذا الاسم، قال مقاتل: أخذ عليهم الميثاق، كما أخذ على أهل التوراة أن يؤمنوا بمحمد، فتركوا ما أمروا به.
قوله تعالى: (فأغرينا بينهم) قال النضر: هيجنا، وقال المؤرج: حرشنا بعضهم على بعض.
وقال الزجاج: ألصقنا بهم ذلك، يقال: غريت بالرجل غرى مقصورا: إذا لصقت به، هذا قول الأصمعي. وقال غير الأصمعي: غريت به غراء ممدود، وهذا الغراء الذي يغرى به إنما يلصق به