قوله تعالى: (أو نلعنهم) يعود إلى أصحاب الوجوه. وفي معنى لعن أصحاب السبت قولان:
أحدهما: مسخهم قردة، قاله الحسن، وقتادة، ومقاتل.
والثاني: طردهم في التيه حتى هلك فيه أكثرهم، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: (وكان أمر الله مفعولا) قال ابن جرير: الأمر هاهنا بمعنى المأمور، سمي باسم الأمر لحدوثه عنه.
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما (48) قوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به) قال ابن عمر: لما نزلت (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا) قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
والشرك؟ فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، فنزلت هذه. وقد سبق معنى الإشراك.
والمراد من الآية: لا يغفر لمشرك مات على شركه. وفي قوله [تعالى]: (لمن يشاء) نعمة عظيمة من وجهين:
أحدهما: أنها تقتضي أن كل ميت على ذنب دون الشرك لا يقطع عليه بالعذاب، وإن مات مصرا.
والثاني: أن تعليقه بالمشيئة فيه نفع للمسلمين، وهو أن يكونوا على خوف وطمع.
ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا (49) قوله تعالى: (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم) سبب نزولها: أن مرحب بن زيد.
وبحري بن عون - وهما من اليهود - أتيا النبي صلى الله عليه وسلم بأطفالهما، ومعهما طائفة من اليهود فقالوا: يا محمد هل على هؤلاء من ذنب؟ قال: لا، قالوا: والله ما نحن إلا كهيئتهم، ما من ذنب نعمله بالنهار إلا كفر عنا بالليل، وما من ذنب نعمله بالليل إلا كفر عنا بالنهار، فنزلت هذه الآية. هذا قول ابن عباس.