وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما (64) قوله تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع) قال الزجاج: (من) دخلت للتوكيد.
والمعنى: وما أرسلنا رسولا إلا ليطاع. وفي قوله: (بإذن الله) قولان:
أحدهما: أنه بمعنى: الأمر، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه الإذن نفسه، قاله مجاهد. وقال الزجاج: المعنى: إلا ليطاع بأن الله أذن له في ذلك.
وقوله تعالى: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم) يرجع إلى المتحاكمين اللذين سبق ذكرهما. قال ابن عباس: ظلموا أنفسهم بسخطهم قضاء الرسول: (جاؤوك فاستغفروا الله) من صنيعهم.
فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (65) قوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون) في سبب نزولها قولان:
أحدهما: أنها نزلت في خصومة كانت بين الزبير وبين رجل من الأنصار في شراج الحرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للزبير: " اسق ثم أرسل إلى جارك " فغضب الأنصاري، قال: يا رسول الله: أن كان ابن عمتك! فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال للزبير: " اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يبلغ الجدر " قال الزبير: فوالله ما أحسب هذه الآية نزلت إلى في ذلك. أخرجه البخاري، ومسلم.
والثاني: أنها نزلت في المنافق، واليهودي اللذين تحاكما إلى كعب بن الأشرف، وقد سبقت قصتهما، قاله مجاهد.
قوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون) أي: لا يكونون مؤمنين حتى يحكموك، وقيل: (لا) رد لزعمهم أنهم مؤمنون، والمعنى: فلا، أي: ليس الأمر كما يزعمون أنهم آمنوا، وهم يخالفون