بعض الحكماء: ما استنبط الصواب بمثل المشاورة، ولا حصنت النعم بمثل المواساة، ولا اكتسبت البغضاء بمثل الكبر. واعلم أنه إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه فيما لم يأته فيه وحي، وعمهم بالذكر، والمقصود أرباب الفضل والتجارب منهم. وفي الذي أمر بمشاورتهم فيه قولان: حكاهما القاضي أبو يعلى.
أحدهما: أنه أمر الدنيا خاصة.
والثاني: أمر الدين والدنيا، وهو أصح.
وقد قرأ ابن مسعود، وابن عباس " وشاورهم في بعض الأمر ".
قوله تعالى: (فإذا عزمت) قال ابن فارس: العزم: عقد القلب على الشئ ويريد أن يفعله. وقد قرأ أبو رزين، وأبو مجلز، وأبو العالية، وعكرمة، والجحدري: (فإذا عزمت) بضم التاء. فأما التوكل، فقد سبق شرحه.
ومعنى الكلام: فإذا عزمت على فعل شئ، فتوكل على الله، لا على المشاورة.
إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون (160) قوله تعالى: (إن ينصركم الله) قال ابن فارس: النصر: العون، والخذلان: ترك العون.
وقيل: الكناية في قوله تعالى (من بعده) تعود إلى خذلانه.
وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (161) قوله تعالى: (وما كان لنبي أن يغل) في سبب نزولها سبعة أقوال:
أحدها: أن قطيفة من المغنم فقدت يوم بدر، فقال ناس: لعل النبي [صلى الله عليه وسلم] أخذها، فنزلت هذه الآية، رواه عكرمة عن ابن عباس.
والثاني: أن رجلا غل من غنائم هوازن يوم حنين، فنزلت هذه الآية، رواه الضحاك عن ابن عباس.