فلا تبعد فكل فتى أناس * غير سيصبح سالكا تلك السبيلا ومعنى " تبغونها ": تبغون لها، تقول العرب: ابغني خادما، يريدون: ابتغه لي، فإذا أرادوا:
ابتغ معي، وأعني على طلبه، قالوا: ابغني، ففتحوا الألف، ويقولون: وهبتك درهما، كما يقولون:
وهبت لك. قال الشاعر:
فتولى غلامهم ثم نادى * أظليما أصيدكم أم حمارا؟.
أراد: أصيد لكم. ومعنى الآية: يلتمسون لسبيل الله الزيغ والتحريف، ويريدون رد الإيمان والاستقامة إلى الكفر والاعوجاج، ويطلبون العدول عن القصد، هذا قول الفراء، والزجاج، واللغويين. قال ابن جرير: خرج هذا الكلام على السبيل، والمعنى: لأهله، كأن المعنى: تبغون لأهل دين الله، ولمن هو على سبيل الحق عوجا. أي: ضلالا. قال أبو عبيدة: العوج بكسر العين، في الدين، والكلام، والعمل، والعوج بفتحها، في الحائط والجذع. وقال الزجاج: العوج بكسر العين: فيما لا ترى له شخصا، وما كان له شخص قلت: عوج بفتحها، تقول: في أمره ودينه عوج، وفي العصا عوج. وروى ابن الأنباري عن ثعلب قال: العوج عند العرب بكسر العين: في كل ما لا يحاط به، والعوج بفتح العين في كل مالا يحصل، فيقال: في الأرض عوج، وفي الدين عوج، لأن هذين يتسعان، ولا يدركان. وفي العصا عوج، وفي الدين عوج، لأنهما يحاط بهما، ويبلغ كنههما.
وقال ابن أبي فارس: العوج بفتح العين: في كل منتصب، كالحائط. والعوج: ما كان في بساط أو أرض، أو دين، أو معاش.
قوله [تعالى]: (وأنتم شهداء) فيه قولان:
أحدهما: أن معناه، وأنتم شاهدون بصحة ما صددتم عنه، وبطلان ما أنتم فيه، وهذا المعنى مروي عن ابن عباس، وقتادة، والأكثرين.
والثاني: أن معنى الشهداء هاهنا: العقلاء، ذكره القاضي أبو يعلى في آخرين.
يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين (100) سبب نزولها أن الأوس والخزرج كان بينهما حرب في الجاهلية، فلما جاء النبي عليه سلام أطفأ تلك الحرب بالإسلام، فبينما رجلان أوسي وخزرجي يتحدثان، ومعهما يهودي، جعل اليهودي يذكرهما أيامهما، والعداوة التي كانت بينهما حتى اقتتلا، فنادى كل واحد منهما بقومه، فخرجوا