إلينا، أي: أمرنا في التوراة: أن لا نؤمن لرسول، أي: لا نصدق رسولا يزعم أنه رسول، حتى يأتينا بقربان تأكله النار. قال ابن قتيبة: والقربان: ما تقرب به إلى الله تعالى من ذبح وغيره. وإنما طلبوا القربان، لأنه لأنه كان من سنن الأنبياء المتقدمين، وكان نزول النار علامة القبول. قال ابن عباس:
كان الرجل يتصدق، فإذا قبلت منه، نزلت نار من السماء، فأكلته، وكانت نارا لها دوي، وحفيف.
وقال عطاء: كان بنو إسرائيل يذبحون لله، فيأخذون أطايب اللحم، فيضعونها في وسط البيت تحت السماء، فيقوم النبي في البيت، ويناجي ربه، فتنزل نار، فتأخذ ذلك القربان، فيخر النبي ساجدا، فيوحي الله إليه ما يشاء. قال ابن عباس: قل يا محمد لليهود (قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات) أي: بالآيات، (وبالذي) سألتم من القربان.
فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاؤوا بالبينات والزبر والكتاب المنير (184) قوله تعالى: (فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك) معناه: لست بأول رسول كذب. قال أبو علي: وقرأ ابن عامر وحده " بالبينات والزبر " بزيادة باء، وكذلك في مصاحف أهل الشام، ووجهه أن إعادة الباء ضرب من التأكيد، ووجه قراءة الجمهور أن الواو قد أغنت عن تكرير العامل، تقول:
مررت بزيد وعمرو، فتستغني عن تكرير الباء.
قوله تعالى: (والكتاب المنير) قال أبو سليمان: يعني به الكتب النيرة بالبراهين والحجج.
كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور (185) قوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت) قال ابن عباس: لما نزل قوله تعالى (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم) قالوا: يا رسول الله إنما نزل في بني آدم، فأين ذكر الموت في الجن.
والطير، والأنعام، فنزلت هذه الآية. وفي ذكر الموت تهديد للمكذبين بالمصير، وتزهيد في الدنيا وتنبيه على اغتنام الأجل.
وفي قوله تعالى: (إنما توفون أجوركم يوم القيامة) بشارة للمحسنين، وتهديد للمسيئين.
قوله تعالى: (فمن زحزح) قال ابن قتيبة: نجي وأبعد. (فقد فاز) قال الزجاج: تأويل فاز:
تباعد عن المكروه، ولقي ما يحب، يقال لمن نجا من هلكة، ولمن لقي ما يغتبط به: قد فاز.
قوله تعالى: (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) يريد أن العيش فيها يغر الإنسان بما يمنيه من