والبيان من الله تعالى بالنص تارة، وبدلالة النص أخرى. قال الزجاج: و " السنن ": الطرق، فالمعنى يدلكم على طاعته، كما دل الأنبياء وتابعيهم. وقال غيره: معنى الكلام: يريد الله ليبين لكم سنن من قبلكم من أهل الحق والباطل، لتجتنبوا الباطل وتجيبوا الحق، ويهديكم إلى الحق.
الله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما (27) قوله تعالى: (والله يريد أن يتوب عليكم) قال الزجاج: يريد أن يدلكم على ما يكون سببا لتوبتكم. وفي الذين اتبعوا الشهوات أربعة أقوال:
أحدها: أنهم الزناة، قاله مجاهد، ومقاتل.
والثاني: اليهود والنصارى، قاله السدي.
والثالث: أنهم اليهود خاصة، ذكره ابن جرير.
والرابع: أهل الباطل، قاله ابن زيد.
قوله تعالى: (أن تميلوا ميلا عظيما) أي: عن الحق بالمعصية.
يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا (28) قوله تعالى: (يريد الله أن يخفف عنكم) التخفيف: تسهيل التكليف، أو إزالة بعضه. قاله ابن جرير: والمعنى: يريد أن ييسر لكم بإذنه في نكاح الفتيات المؤمنات لمن لم يستطع طولا لحرة. وفي المراد بضعف الانسان ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الضعف في أصل الخلقة. قال الحسن: هو أنه خلق من ماء مهين.
والثاني: أنه قلة الصبر عن النساء، قاله طاوس، ومقاتل.
والثالث: أنه ضعف العزم عن قهر الهوى، وهذا قول الزجاج، وابن كيسان.
يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما (29) قوله تعالى: (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) الباطل: ما لا يحل في الشرع.
قوله تعالى: (إلا أن تكون تجارة) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: " تجارة "