أحدهما: فما وهنوا بالخوف، وما ضعفوا بنقصان القوة، ولا استكانوا بالخضوع.
والثاني: فما وهنوا لقتل نبيهم، ولا ضعفوا عن عدوهم، ولا استكانوا لما أصابهم.
وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين (147) قوله تعالى: (وما كان قولهم) يعني الربيين. (إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا) أي: لم يكن قولهم غير الاستغفار. والإسراف: مجاوزة الحد، وقيل: أريد بالذنوب الصغائر، وبالإسراف: الكبائر.
قوله تعالى: (وثبت أقدامنا) قال ابن عباس: على القتال. وقال الزجاج: معناه: ثبتنا على دينك، فإن الثابت على دينه ثابت في حربه.
فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين (148) قوله تعالى: (فآتاهم الله ثواب الدنيا) فيه قولان:
أحدهما: أنه النصر، قاله قتادة.
والثاني: الغنيمة، قاله ابن جريج. وروي عن ابن عباس، أنه النصر والغنيمة.
وفي حسن ثواب الآخرة قولان:
أحدهما: أنه الجنة.
والثاني: الأجر والمغفرة، وهذا تعليم من الله تعالى للمؤمنين ما يفعلون ويقولون عند لقاء العدو.
يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين (149) قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا) قال ابن عباس: نزلت في قول ابن أبي للمسلمين لما رجعوا من أحد: لو كان نبيا ما أصابه الذي أصابه. وفي الذين كفروا هاهنا ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم المنافقون على قول ابن عباس، ومقاتل.
والثاني: أنهم اليهود والنصارى، قاله ابن جريج.
والثالث: أنهم عبدة الأوثان، قاله السدي. قالوا وكانوا قد أمروا المسلمين بالرجوع عن دينهم. ومعنى (يردوكم على أعقابكم): يصرفوكم إلى الشرك. (فتنقلبوا خاسرين) بالعقوبة.