قوله تعالى: (ليذوق وبال أمره) أي: جزاء ذنبه. قال الزجاج: " الوبال ": ثقل الشئ في المكروه، ومنه قولهم: طعام وبيل، وماء وبيل: إذا كانا ثقيلين. قال الله عز وجل:
(فأخذناه أخذا وبيلا) أي: ثقيلا شديدا.
قوله تعالى: (عفا الله عما سلف) فيه قولان:
أحدهما: ما سلف في الجاهلية، من قتلهم الصيد، وهم محرمون، قاله عطاء.
والثاني: ما سلف من قتل الصيد في أول مرة، حكاه ابن جرير، والأول أصح. فعلى القول الأول يكون معنى قوله: (ومن عاد) في الإسلام، وعلى الثاني: (ومن عاد) ثانية بعد أولى.
قال أبو عبيدة: " عاد " في موضع يعود، وأنشد:
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا * وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا قوله تعالى: (فينتقم الله منه) " الانتقام " المبالغة في العقوبة، وهذا الوعيد بالانتقام لا يمنع إيجاب جزاء ثان إذا عاد، وهذا قول الجمهور، وبه قال مالك والشافعي، وأحمد. وقد روي عن ابن عباس، والنخعي، وداود: أنه لا جزاء عليه في الثاني، إنما وعد بالانتقام.
أحل لكم صيد البحر وطعامه متعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون (96) قوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر) قال أحمد: يؤكل كل ما في البحر إلا الضفدع والتمساح، لأن التمساح يأكل الناس يعني: أنه يفرس. وقال أبو حنيفة، والثوري: لا يباح منه إلا السمك، وقال ابن أبي ليلى، ومالك: يباح كل ما فيه من ضفدع وغيره فأما طعامه، ففيه ثلاثة أقوال:
أحدها: ما نبذه البحر ميتا، قاله أبو بكر، وعمر، وابن عمر، وأبو أيوب، وقتادة.
والثاني: أنه مليحه، قاله سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير والسدي، وعن ابن عباس ومجاهد، وعكرمة كالقولين. واختلفت الرواية عن النخعي. فروي عنه كالقولين، وروي عنه أنه جمع بينهما، فقال: طعامه المليح وما لفظه.