سورة آل عمران بسم الله الرحمن الرحيم لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شئ فإن الله به عليم (92) قوله [تعالى] (لن تنالوا البر) في البر أربعة أقوال:
أحدها: أنه الجنة، قاله ابن عباس، ومجاهد، والسدي في آخرين. قال ابن جرير: فيكون المعنى: لن تنالوا بر الله بكم الذي تطلبونه بطاعتكم.
والثاني: التقوى، قاله عطاء، ومقاتل. والثالث: الطاعة، قاله عطية.
والرابع: الخير الذي يستحق به الأجر، قاله أبو روق. قال القاضي أبو يعلى: لم يرد نفي الأصل، وإنما نفي وجود الكمال.
قوله [تعالى]: (حتى تنفقوا مما تحبون) فيه قولان:
أحدهما: أنه نفقة العبد من ماله، وهو صحيح شحيح، رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني: أنه الانفاق من محبوب المال، قاله قتادة، والضحاك. وفي المراد بهذه النفقة ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها الصدقة المفروضة، قاله ابن عباس، والحسن، والضحاك.
والثاني، أنها جميع الصدقات، قاله ابن عمر.
والثالث: أنها جميع النفقات التي يبتغي بها وجه الله [تعالى]، سواء كانت صدقة، أو لم تكن، نقل عن الحسن، واختاره القاضي أبو يعلى. وروى البخاري، ومسلم في " الصحيحين " من حديث أنس بن مالك قال: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب. قال أنس: فلما نزلت: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) قام أبو طلحة، فقال: يا رسول الله إن الله يقول: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله، أرجو برها وذخرها عند الله [تعالى]، فضعها حيث أراك الله، فقال [صلى الله عليه وسلم]: " بخ بخ، ذاك مال رابح أو رائح شك الرواي وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين " فقسمها أبو طلحة في أقاربه، وبني عمه. وروي عن عبد الله بن عمر أنه قرأ هذه الآية فقال: لا أجد شيئا أحب إلى من جاريتي رميثة، فهي حرة لوجه الله، ثم قال: لولا أني أعود في شئ جعلته لله،