في الأرض خليفة) قاله ابن زيد.
والرابع: أنه أراد إظهار عجزهم عن الإحاطة بعلمه. فأخبرهم حتى قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها؟ فأجابهم: إني أعلم ما لا تعلمون.
والخامس: أنه أراد تعظيم آدم بذكره بالخلافة قبل وجوده، ليكونوا معظمين له إذ أوجده.
والسادس: أنه أراد إعلامهم بأنه خلقه ليسكنه الأرض، وإن كان ابتداء خلقه في السماء.
والخليفة: هو القائم مقام غيره، يقال: هذا خلف فلان وخليفته. قال ابن الأنباري: والأصل في الخليفة خليف، بغير هاء، فدخلت الهاء للمبالغة بهذا الوصف، كما قالوا: علامة ونسابة.
وفي معنى خلافة آدم قولان:
أحدهما: أنه خليفة عن الله تعالى في إقامة شرعه، ودلائل توحيده، والحكم في خلقه، وهذا قول ابن مسعود ومجاهد.
والثاني: أنه خلف من سلف في الأرض قبله، وهذا قول ابن عباس والحسن.
قوله [تعالى]: (أتجعل فيها من يفسد فيها).
فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن ظاهر الألف الاستفهام، [ومعناها الإيجاب تقديره ستجعل فيها من يفسد فيها.
قاله أبو عبيدة].
والثاني: أنهم قالوه لاستعلام وجه الحكمة، لا على وجه الاعتراض. ذكره الزجاج.
والثالث: أنهم سألوا عن حال أنفسهم، فتقديره: أتجعل فيها من يفسد فيها ونحن نسبح بحمدك، أم لا؟
وهل علمت الملائكة أنهم يفسدون بتوقيف من الله تعالى، أم قاسوا على حال من قبلهم؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه بتوقيف من الله [تعالى]، قاله ابن مسعود وابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة، وابن زيد وابن قتيبة، وروى السدي عن أشياخه: أنهم قالوا: ربنا وما يكون ذلك الخليفة؟ قال: يكون له ذرية يفسدون في الأرض ويتحاسدون، ويقتل بعضهم بعضا، فقالوا: (أتجعل فيها من يفسد فيها).
والثاني: أنهم قاسوه على أحوال من سلف قبل آدم، روي نحو هذا عن ابن عباس وأبي العالية ومقاتل.