قوله [تعالى]: (كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم) في سبب نزولها ثلاثة أقوال:
أحدها: أن رجلا من الأنصار ارتد، فلحق بالمشركين، فنزلت هذه الآية، إلى قوله [تعالى]: (إلا الذين تابوا) فكتب بها قومه إليه، فرجع تائبا. رواه عكرمة عن ابن عباس.
وذكر مجاهد، والسدي أن اسم ذلك الرجل: الحارث بن سويد.
والثاني: أنها نزلت في عشرة رهط ارتدوا، فيهم الحارث بن سويد، فندم، فرجع. رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مقاتل.
والثالث: أنها في أهل الكتاب، عرفوا النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كفروا به. رواه عطية عن ابن عباس.
وقال الحسن: هم اليهود والنصارى. وقيل: إن " كيف " هاهنا لفظها لفظ الاستفهام، ومعناها الجحد، أي: لا يهدي الله هؤلاء.
خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون (88) إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم (89) قوله [تعالى]: (خالدين فيها) قال الزجاج أي: في عذاب اللعنة (ولا هم ينظرون) أي: يؤخرون عن الوقت. قال: ومعنى: (أصلحوا) أي: أظهروا أنهم كانوا على ضلال، وأصلحوا ما كانوا أفسدوه، وغروا به من تبعهم ممن لا علم له.
فصل وهذه الآية استثنت من تاب ممن لم يتب وقد زعم قوم أنها نسخت ما تضمنته إلا من تاب قبلها من الوعيد، والاستثناء ليس بنسخ.
إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون (90) قوله [تعالى]: (إن الذين كفروا بعد إيمانهم) اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها نزلت فيمن لم يتب من أصحاب الحارث بن سويد، فإنهم قالوا: نقيم بمكة ونتربص بمحمد ريب المنون، قاله ابن عباس، ومقاتل.