لا يحسن أن يمل ما عليه، وقال القاضي أبو يعلى: هو المجنون.
قوله [تعالى]: (فليملل وليه) في هاء الكناية قولان:
أحدها: أنها تعود إلى الحق، فتقديره، فليملل ولي الحق، هذا قول ابن عباس، وابن جبير، والربيع بن أنس، ومقاتل، واختاره ابن قتيبة.
والثاني: أنها تعود إلى الذي عليه الحق، وهذا قول الضحاك، وابن زيد، واختاره الزجاج، وعاب قول الأولين، فقال: كيف يقبل قول المدعي! وما حاجته إلى الكتاب والإشهاد، والقول قوله؟!
وهذا اختيار القاضي أبي يعلى أيضا، والعدل: الإنصاف. وقي قوله [تعالى]: (من رجالكم) قولان:
أحدهما: أنه يعني الأحرار، قاله مجاهد.
والثاني: أهل الإسلام، وهذا اختيار الزجاج، والقاضي أبي يعلى، ويدل عليه أنه خاطب المؤمنين في أول الآية.
قوله [تعالى]: (فإن لم يكونا رجلين) أراد: فإن لم يكن الشهيدان رجلين (فرجل وامرأتان) ولم يرد به: إن لم يوجد رجلان.
قوله [تعالى]: (ممن ترضون من الشهداء) قال ابن عباس: من أهل الفضل والدين. قوله [تعالى]: (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) ذكر الزجاج، أن الخليل، وسيبويه، وسائر النحويين الموثوق بعلمهم، قالوا: معناه: استشهدوا امرأتين، لأن تذكر إحداهما الأخرى. ومن أجل أن تذكر إحداهما الأخرى. وقرأ حمزة " إن تضل " بكسر الألف. والضلال هاهنا: النسيان قاله ابن عباس والضحاك، والسدي، والربيع، ومقاتل، وأبو عبيدة، وابن قتيبة. فأما قوله: " فتذكر " فقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، بالتخفيف مع نصب الراء، وقرأ حمزة بالرفع مع تشديد الكاف، وقرأ الباقون بالنصب وتشديد الكاف، فمن شدد أراد الإدكار عند النسيان، وفي قراءة من خفف قولان:
أحدهما: أنها بمعنى المشددة أيضا، وهذا قول الجمهور. قال الضحاك، والربيع بن أنس، والسدي: ومعنى القراءتين واحد.
والثاني: أنها بمعنى: تجعل شهادتهما بمنزلة شهادة ذكر، وهذا مذهب سفيان بن عيينة، وحكى الأصمعي عن أبي عمرو نحوه. واختاره القاضي أبو يعلى، وقد رده جماعة، منهم